الدبلوماسيون يمثلون رؤية دولهم في الخارج، ويحافظون على حسن علاقات الدول وينقلون وجهات نظر الدولة التي يمثلونها إلى المسئولين في الدولة التي يمارسون فيها مهامهم. كما يعتبر الحفاظ على مصالح أبناء بلدانهم (أي مواطن دولتهم) وذلك من أولويات وواجبات الممثل الدبلوماسي، سواء أكان هذا الممثل سفيرا أم قائما بأعمال أم قنصلا...إلخ.
فيما يخص سفيرنا في واشنطن دي. سي. فنحن نرى مدى عجزه بل وهروبه من واقع المعتقلين البحرينيين في غوانتنامو، حتى لم نقرأ له تصريحا واحدا مذ اليوم الأول لاعتقالهم حتى كتابة هذا العمود.
في حين واجب السفارات والدبلوماسيين هو متابعة رعايا الدولة التي يمثلونها. إلا أن لسفيرنا في واشنطن رأي آخر بشأن تلك الواجبات والأعراف الدبلوماسية للسفراء، وبدلا من أن يتمنى ويطالب بعودة معتقلينا في غوانتنامو إلى أرض الوطن، فهو (السفير البحريني) يتمنى ويطالب بإعادة اليهود الذين هاجروا من المنطقة العربية! ثم يبدي الندم، في عيد الفصح الذي أقامته اللوبيات الصهيونية في أميركا، ويُظهر الحزن على هجرة اليهود من الدول العربية، ويطالب بفتح الحدود مع الكيان الصهيوني.
لا أعتقد أن السفير البحريني في واشنطن قد خرق الدستور والميثاق، الذي هو العقد الناظم لعلاقة الحاكم بالمحكوم في البحرين، بل هو خرق جدار الممانعة في حدها الأدنى مع الكيان الصهيوني. وهذا الأمر مدعاة للخارجية البحرينية إلى التبرؤ مما قاله هذا السفير. وهذا السلوك السياسي للسفير لا يمثل ضمير البحرينيين. والبراءة من هذا السلوك السياسي هو أقل ما أقدمه ككاتب.
ألم يكن الأولى بسفيرنا في واشنطن أن يبذل جهوده في سبيل إطلاق سراح المعتقلين البحرينيين في غوانتنامو، بدلا من تبادل الأنخاب في جماجم الفلسطينيين مع زعماء العصابات الصهيونية العالمية في احتفالات عيد الفصح في أميركا؟! أليس من الأجدى به (السفير) ان يستثمر علاقاته في التنسيق مع المحامين والحقوقيين، وحشد الطاقات في سبيل إطلاق سراحهم؟ حينها، إن فعل، سيجدنا نقف معه ونطالب بمساندته محليا ودوليا.
ليست مزايدة على أحد الحديث عن الممانعة، ومقاومة التطبيع شعبيا، وليست بمزايدة على الفلسطينيين أنفسهم القول بمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، إذ إن أمر إقامة العلاقات والتطبيع مع الكيان الصهيوني يتعدى خلخلة وحدة الصف العربي، والمقلق والمضعف للموقف الفلسطيني. ويتعدى الحدود الجغرافية لأرض فلسطين؛ إنه أمر يتعلق بالأمة العربية بجميع أقطارها، من الماء إلى الماء. وهو ما يدعونا إلى أن نتوقف عنده لبيان خطورة التطبيع مع الكيان الصهيوني على إقليم الخليج والمنطقة العربية بأسرها. ومخططات الصهاينة أبعد بكثير من أمر إقامة العلاقات مع الدول العربية؛ وأن صراعنا (كعرب) مع الصهيونية هو صراع وجود. وهذه المقولة صحيحة نضعها على بساط الطرح في قادم الأيام، إن كان في العمر بقية.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1685 - الثلثاء 17 أبريل 2007م الموافق 29 ربيع الاول 1428هـ