العدد 1685 - الثلثاء 17 أبريل 2007م الموافق 29 ربيع الاول 1428هـ

حقيقة وحجم المساعدات المالية الأميركية للبنان

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لاتزال حرب صيف 2006 بين «إسرائيل» وحزب الله تجر ذيولها على الساحة اللبنانية، ويجمعها مع ما يدور في العراق، وما يجري في فلسطين، عامل مشترك واحد هو الدور الأميركي في الساحات الثلاث الملتهبة هذه. إذ لاتكف واشنطن، أن تبرز بين الحين والآخر إستعدادها أو رغبتها في تقديم مساعدة مالية لهذه السلطة أو تلك، بشكل مباشر أو بالإيعاز ألى أحد حلفائها القادرين لممارسة ذلك الدور نيابة عنها.

ولدعم الحكومة اللبنانية أعلنت واشنطن عن عزمها تخصيص مزيد من الموارد المالية لإعادة البناء، والدعم العسكري في لبنان. لذلك طلبت إدارة بوش 770 مليون دولار من موازنة السنة المالية 2007، كمعونات خارجية للبنان. ولم تخف إدارة واشنطن من أن الجهة اللبنانية التي ستنال حصة الأسد من تلك المعونة هي القوات المسلحة اللبنانية لكي تصبح ثقلا موازيا للقوى المسلحة غير الحكومية، بعد أن كشفت المصادمات التي عرفتها الساحة اللبنانية خلال الفترة التي أعقبت تلك الحرب، عن عجز القوات المسلحة اللبنانية، وعدم قدرتها على تأمين الحدود.

فالقوات المسلحة اللبنانية تعاني من نقص في عدد القوات، وقلة المعدات، إلى جانب افتقارها لقوات جوية حقيقية، ومعدات حديثة للدفاع الجوي، إضافة إلى عدم القدرة على مواجهة القوات المسلحة للدول المجاورة مثل سورية و»إسرائيل». كما أن تلك القوات تعاني من التحزب منذ زمن بعيد.

عادت الولايات المتحدة تبدي رغبتها في توسيع التعاون العسكري مع القوات اللبنانية، لثالث مرة خلال 25 عاما. فخلال الثمانينات قدمت الحكومة الأميركية ما بين 145 و190 مليون دولار على شكل منح وقروض للقوات المسلحة اللبنانية.

وفي بداية التسعينيات، مع نهاية الحرب الأهلية، قدمت الولايات المتحدة مرة أخرى مساعدات عسكرية على هيئة معدات. وللمرة الأولى منذ العام 1984 تطلب الإدارة منح تمويل عسكري خارجي للبنان من موازنة الشئون الخارجية للسنة المالية 2006.

ففي البداية طلبت الإدارة نحو مليون دولار من السنة المالية 2006، ومبلغ 4.8 من السنة المالية 2007، للمساعدة على تحديث القوات المسلحة اللبنانية. إلا أن حرب حزب الله- «إسرائيل» جعلت الدول الغربية ترفع من مستويات دعمها للقوات اللبنانية، حتى وصلت تقديرات الإدارة الأميركية إلى نحو 42 مليون دولار لتقديم قطع غيار، وتدريب تقني للقوات اللبنانية.

أما طلب الإدارة الطارئ لتقديم تمويل عسكري خارجي للبنان من موازنة السنة المالية 2007 فشمل 220 مليون دولار، ليسجل زيادة ملحوظة عن معدلات الدعم السابقة. وسيستخدم هذا الدعم العسكري في تدريب القوات على أيدي متعاقدين أميركيين خاصين، أو توفير قطع غيار وذخائر للقوات اللبنانية.

ووفقا لوزارة الخارجية الأميركية فإن الدعم الأمني الأميركي «سيعزز السيطرة اللبنانية على جنوب لبنان ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، لعدم استخدامها كقواعد لمهاجمة (إسرائيل)». كما طلبت الإدارة أيضا مبلغ 60 مليون دولار لتجهيز وتدريب قوات الأمن الداخلي اللبنانية.

لقد أرهقت حرب صيف 2006، وحملة المعارضة التي شنت ضد الحكومة اللبنانية الاقتصاد اللبناني بشدة، ما دفع برئيس الوزراء فؤاد السنيورة لمطالبة المجتمع الدولي بتقديم دعم مادي للحكومة المتعبة.

ومن ثم تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مئات الملايين من الدولارات لجهود إعادة بناء لبنان. وما لبث الرئيس بوش أن أعلن في أغسطس/ آب 2006 عن تقديم 230 مليون دولار بشكل عاجل للبنان، وفي يناير/ كانون الثاني 2007 تعهدت كوندوليزا رايس بتحويل 250 مليون دولار إضافية للحكومة اللبنانية.

ولتقدير الحيز الذي تحتله هذه الحفنة من الدولارات مقارنة مع ما تحتاجه لبنان يمكن الإشارة إلى إعلان السنيورة عن خطة إصلاح اقتصادي، والتي خصصت لخفض المديونية العامة للبنان التي قدرت بحوالى 41 مليار دولار.

وإذا أضفنا إلى ذلك أن حصة الأسد من المعونات الأميركية ستذهب إلى المؤسسة العسكرية اللبنانية، وأن شركات أميركية ستتولى توفير المعدات والتدريب عليها وصيانتها، يمكن أن ندرك حجمها الحقيقي والهدف الكامن وراءها.

لذلك ولكي تذر الولايات المتحدة الرمل في العيون، وكي تبدو جادة في تقليص سلبيات نتائج تدخلها في بعض المناطق الملتهبة في الشرق الأوسط، تسارع إلى إنفاق حفنة من الدولارات بيد، لا تلبث أن تسترجعها باليد الأخرى من خلال الشركات الأميركية المناط بها تنفيذ مشروعات تنفق عليها تلك المساعدات.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1685 - الثلثاء 17 أبريل 2007م الموافق 29 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً