بين 12 و16 أبريل/ نيسان الجاري رصدت وزارة الداخلية نحو 70 حادث عنف تشمل حرق وتعطيل شوارع، بما في ذلك تفجير أسطوانة غاز في سترة وقطع الكهرباء بسبب ذلك عن 200 منزل، ورمي مولوتوف وقضبان من الحديد (طول كل واحدة نحو قدم واحد بطول المسطرة) وترمى على قوات الأمن كالسهم الثقيل الذي يمكن أن يقتل إذا أصاب المرء في مكان مباشر... بالإضافة إلى أساليب استخدمت في عدة مناطق، مثل القيام بسحب محتويات دكاكين من شارع الشيخ عبد الله وإشعالها بالنيران بهدف تعطيل المكان وتحريك الشارع وخلق التصادم مع قوات الأمن. استعرضت أمس وزارة الداخلية عددا مما لديها أمام الصحافة، وسألت ان كان للصحافة دور في رصد ومعالجة مثل هذه الأمور؟

الحل لمثل هذه الأمور له خياران رئيسيان، إما خيار القوة واستخدام كل أنواع أجهزة الأمن بهدف القمع المباشر مهما كلف الثمن... وإما الخيار السياسي، بمعنى استخدام المبادرات السياسية، وبهدف واضح - كما عبر عن ذلك عدد من الإخوة - وهو رفع الغطاء السياسي الذي يستخدمه من يتحرك من خلال هذه الأساليب. نقاشات وأفكار عدة طرحت، ولكن يبقى الخيار السياسي هو الأفضل، وهذا الخيار يتطلب انعقاد النية على إشراك الفاعلين والمؤثرين في الساحة ضمن مبادرات تكون واضحة المعالم ولها صدقية. وهذا الأسلوب يختلف عماعهدناه من أساليب تتمحور حول الصمت الرسمي، ثم استخدام وسائل القوة.

في يوم أمس، طرح عدد من المتداخلين نماذج من بريطانيا، وتم التطرق إلى أسلوب رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر في التعامل مع الإيرلنديين، وهو أسلوب فاشل بشهادة جميع المراقبين والمؤرخين، ويعتبر الملف الإيرلندي واحدا من اسوأ أنواع فشل مارغريت ثاتشر، فهي نجحت في معالجة الضعف الاقتصادي البريطاني، ولكنها فشلت فشلا ذريعا في ملف إيرلندا، لأنها أرادت أن تستخدم القوة مع الإيرلنديين الشماليين. وبعد أن قام حزبها بإسقاطها من رئاسة الوزراء في مطلع التسعينات جاء من يخلفها (جون مايجور) وهو الذي بدأ الحل السياسي، ومن ثم أكمل الحل السياسي رئيس الوزراء الحالي طوني بلير... والآن اصبحت شمال إيرلندا - التي كانت ميدانا للانفجارات والقتل - إحدى أهم مناطق النمو والازدهار في أوروبا. وهذا الحديث يمكن التأكد منه من خلال الرجوع الى المصادر المتوافرة على الانترنت ودراسة كيفية معالجة الحكومة البريطانية للمشكلة الطائفية-السياسية في إيرلندا الشمالية. وكما قال وزير الداخلية أمس، وقوله صحيح: « إن أخطر شيء يواجهنا في البحرين هو خطر (الطائفية)»، ولأنه رجل حكيم فقد صرح بشجاعة بمثل هذا التصريح. ولذلك فإننا ندعو جميع من يعنيهم الأمر الى استكمال الحكمة وذلك من خلال الدعوة الى حل سياسي يخلصنا من أجندة العنف التي أنهكت بحريننا.