سابقا، كانت أكثر الأصوات الحكومية تدفع في محاولة تصوير البحرين بلدا أقل مستوى من باقي دول الخليج فيما يتعلق بمستويات الثروة. وكان هذا التصوير التبرير الأكثر استخداما في الرد على مطالبات مؤسسات المعارضة الداعية لمراجعة مستويات دخل المواطن البحريني. كانت الأصوات الحكومية ترفض أن يقارن أحد ما البحرين بالكويت أو الشقيقة الكبرى السعودية مؤكدة أن متطلبات الحياة في البحرين هي الأخرى أقل مما هي عليه في باقي دول الخليج.
اليوم ماذا لدينا؟، لدينا معطيات مغايرة وواقع مختلف عما كانت عليه البحرين قبل العام 2002. وعليه، لابد من إعادة الاعتبار لمطالبات تحسين مستويات الدخل للمواطن في القطاعين الحكومي والخاص. وبالتأكيد ليس السبب الرئيسي في هذه الدعوة اكتشاف موارد نفطية جديدة في البحرين التي تبدو أفقر مما كانت عليه لكن لأن مستويات الارتفاع في كلفة القدرة على الحياة في البحرين أصبحت خارج حدود السيطرة كليا.
لا يمكننا في الصحافة الاستمرار في تحديد مشكلة الغلاء باعتبارها «ظاهرة» غريبة وأن مجموعة من الحلول البسيطة ستكون قادرة على القضاء عليها، فالحقيقة هي أن الزيادة المجنونة في متطلبات القدرة على الحياة في البحرين لم تعد «ظاهرة» بل واقعا جديدا وتحولا اقتصاديا كاملا وعلى الحكومة أن تقوم بدورها الذي كانت ومازالت لا تقوم به كما يجب.
اليوم أيضا، يبدو البحريني أمام مقصلة كلف القدرة على الحياة في أسوأ أيامه. ولا يحق لأحد ما أن يفرض على المواطن مطالبات ضبط النفس أمام أقوام يراها تزيد في تخمتها المالية فيما يربط هو حجر المجاعة على بطون جميع أفراد أسرته.
المواطن الذي يصل إلى حدود الجهة العليا من جسر السيف يرى ناطحات السحاب والأبنية العالية عن ذات اليمين والشمال تزدحم أمام عينيه المثقلتين، يسأل، أين نصيبي من كل هذا؟ واقع الأمر أن الأمور لا تتوقف عند حدود السؤال بل تتصل حد التساؤل القلق عن الطريقة المثلى لإدارة شئون حياته في خضم هذه الحالة الفوضوية من النمو في كل شيء ما خلا ما يحصل عليه شهريا من بضعة دنانير هي أشبه ما تكون بالصدقة!
إن هذا الصمت الذي يطبق على الناس في تعاملهم مع هذا الوضع الجديد لا يعني أن الناس قد قبلوا بواقعهم الجديد. وعلى الدولة أن تدرك مسئولياتها وأن تضطلع بها قبل أن تصل الأمور حد الخروج عن السيطرة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1683 - الأحد 15 أبريل 2007م الموافق 27 ربيع الاول 1428هـ