العدد 2253 - الأربعاء 05 نوفمبر 2008م الموافق 06 ذي القعدة 1429هـ

إفريقي أسود يحكم أميركا البيضاء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بحكم الحدث وما يحمله من إيحاءات، ظللت ست ساعات متنقلا بين الفضائيات، من الحادية عشرة مساء حتى أذان فجر الأربعاء، لمعرفة نتائج الانتخابات التاريخية.

نادرا ما يكون هناك حدثٌ يفرض السهر حتى الفجر، فآخر حدثٍ مسهِرِ كان في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، حين غادر إميل لحود قصر بعبدا، تاركا وراءه فراغا رئاسيا يهدّد لبنان بمستقبل مجهول، بسبب عدم توافق اللبنانيين على رئيس بديل. أما مساء الثلثاء الماضي، فكان العالم ينتظر خروج رئيسٍ يميني متطرفٍ من البيت الأبيض، ليفسح المجال لدخول رئيس جديد يحمل الكثير من الوعود بالتغيير.

حتى الآن، وبعد ساعاتٍ من ظهور نتيجة الانتخابات، أخذت تتوالى ردود الفعل المرحّبة من كافة جهات العالم. والمفارقة أن أقرب حلفاء بوش كانوا أول المهنئين لأوباما، فالرئيس الفرنسي (اليميني) ساركوزي اعتبر الفوز «أملا كبيرا»، بينما أشاد رئيس الوزراء البريطاني براون بـ «قيمه التقدمية ورؤيته للمستقبل»... أما المستشارة الألمانية ميركل فعبّرت عن تهانيها القلبية لفوزه التاريخي.

فيما يخصنا نحن العرب، فقد رحّبت جامعتنا العربية بانتخاب أوباما، ودعته ليكون وسيطا نزيها للسلام، وليس كما كان يفعل سلفه بوش. وهو قريب في مضمونه من دعوة حركة حماس إلى «استخلاص العبر من أخطاء الإدارات السابقة، ولاسيما إدارة بوش حيال العالم العربي والإسلامي». وفي المقابل دعا غريم حماس محمود عباس إلى «تسريع الجهود بهدف تسوية النزاع بين «إسرائيل» والفلسطينيين».

مهما كان تفاؤل العرب بالرئيس الجديد، ستبقى فلسطين واسطة العقد، فبينما قال متحدث باسم «حماس» إن الحركة تريد منه أن «يدعم القضية الفلسطينية، أو على الأقل ألاّ ينحاز إلى الاحتلال»، فإن متحدثا باسم الاحتلال قال إن «العلاقات موعودة بمستقبل زاهر»، وهو ما أكدته الوزيرة ليفني بقولها عن زيارته الأخيرة للكيان الصهيوني: «خرجنا نحن الإسرائيليين بانطباع عن الرجل وعن التزامه بأمن ورفاهية «إسرائيل»».

أوباما ومن اليوم الأول لانتخابه، بدأ يتلقى الطلبات والرغبات من الخارج، أولها من الرئيس الأفغاني (قرضاي) الذي قال في مؤتمر صحافي أمس بالحرف الواحد بعد التهنئة: «أول مطالبي من الرئيس الجديد وقف سقوط قتلى من المدنيين في أفغانستان ونقل الحرب إلى الأماكن التي توجد فيها أوكار الإرهابيين ومراكز تدريبهم»، في إشارة إلى ما وصلت إليه الحرب الأميركية على الإرهاب من مأزق، باستهداف المدنيين في أفغانستان وباكستان.

ردود الفعل عموما فيها الكثير من الترحيب، وساهم الإعلام في رفع سقف التوقعات، إن كان ذلك داخليا أو خارجيا، بينما يعلم الجميع أن أمامه ملفات ضخمة، أولها العثور على مخرجٍ مشرفٍ من العراق وأفغانستان، وآخرها إيجاد حلول للأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الأميركي.

بطبيعة الحال لا يمكن لأحدٍ التنبؤ من الآن بما سيقوم به أوباما، أو تقييم السياسات الموعودة، لكن ستظل هذه الانتخابات تعتبر استثنائية على الأقل من جانبٍ واحد لا خلاف عليه، وهو المجيء بإفريقي أسود، إلى قيادة دولةٍ تحكمها أعرافٌ وقواعد تحصر انتخاب الرؤساء بمعايير خاصة جدا: «البيض، الأنجلوساكسون، البروتستانت» (WASP).

وصول إفريقي أسود لحكم أميركا، قفزةٌ كبيرةٌ لن تقتصر على كسر أحد المعايير «المقدسة»، وتجاوز تاريخٍ طويلٍ من العنصرية المقننة، بل سيعيد جزءا من الثقة المفقودة، بالقيم الأميركية التي أهدرتها في الداخل والخارج السياسات المتطرفة للمحافظين الجدد.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2253 - الأربعاء 05 نوفمبر 2008م الموافق 06 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً