ونحن نتعرف على البيئة وكيفية حمايتها من التلوث الجبار الذي بات يستهلك أجسادنا وأرضنا... من كثرة انتشار التصنيع والبناء غير المنظم وحرق الأشجار وذوبان المليون نخلة تحت الحجر وطمر الثروة السمكية تحتها وكيف لنا أن نتخطى كل ذلك؟! ونحن مازلنا نفكر في تدريب شرطة لحماية البيئة؟! كما يحدث في المؤتمرات حديثا! في الوقت الذي بات منسوب المياه المالحة يصل إلى رقبتنا ويخنقنا ولا نجد بصيصا من الأمل للإنقاذ.
دعوني أخبركم عن البلاد الأخرى وكيفية التعامل مع البيئة، ففي إيران تقوم البلدية بفرض غرامات مالية على كل من يقطع أو يتسبب في موت الأشجار... سواء في بيته (حديقته) أو في مزرعته... بحيث تقوم بعد الأشجار قبلا وأي إهمال يؤدي إلى موتها يكون صاحبها عرضة للغرامة... هذا كيلا تصحر البساتين ثم تستغل لبناء العمارات الاستثمارية كما هو حاصل عندنا... فغرامة صاحب البستان تكون عالية إلى درجة لا تمكنه من بناء أي شيء في المساحة بعدها!
وآخذكم إلى سنغافورة بلد النظافة والهواء النقي والحضارة... فالحكومة تحب شعبها إلى درجة الكمال... فهي تحميه من أن يلوث الأجواء بالسيارات الخاصة، وبالتالي تحمي رئتيه من تلوث الهواء!
ولذلك فهي توفر للشعب مواصلات عامة بدرجة أولى من الراحة والتكييف... وتوصل البلاد كلها بشبكة عالية من الجودة والكفاءة بكل أنواعها من قطارات و «ميني باص»... الخ. بحيث تمكن الجميع من ركوبها بسعادة ودون أي حرج لكفاءاتها في الخدمة والراحة!
ويتمكن بذلك الناس من الاستغناء عن السيارة الخاصة... وبذلك فهي لا تسمح بزيادة سنوية إلا في حدود 3 في المئة في السيارات الخاصة (تمليك) وعلى كل أصحاب السيارات أن يقوموا بتبديلها بعد خمس سنوات لأنها تصبح ملوثة للجو وأن التكنولوجيا الحديثة تكون أكثر كفاءة من القديمة في الإقلال من التلوث بالنسبة للسيارات.
وإذا لم يتمكن صاحب السيارة من بيعها تقوم الحكومة بشرائها منه واستبدالها بأخرى جديدة.
تُمنع العلكة منعا تاما كالسجائر في الأماكن العامة أو حتى في الشوارع وقد يسجن أو يدفع غرامة كل من يخالف ذلك. إذا عرفنا أن سنغافورة صغيرة جدا وعدد سكانها أربعة ملايين ونصف المليون نسمة فقط وينطبق ذلك على رمي المخلفات في الشوارع طبعا!
سنغافورة هي عبارة عن 63 جزيرة ولا يوجد لديها أي مخزون من أي نوع من الثروات مثل النفط أو المعادن أو... الخ.
وعلى رغم ذلك فهي تصنف كأغنى سادس دولة في العالم بنسبة دخل الفرد للمدخول العام. معجزة حقيقية لمن يريد التفوق في العالم!
إن هذه الدولة الغنية اعتمدت في بناء اقتصادها على تصنيع المواد الإلكترونية والبتروكيماويات والتجارة والسياحة العلاجية والسياحة العامة، وهي من أقوى الخدمات المصرفية في العالم، كما تأتي في المرتبة الرابعة في العالم لتحويل العملات الأجنبية (Forgin exchange) بعد لندن ونيويورك وطوكيو.
وعلى رغم صغر حجمها فقد تمكنت هذه الدولة من الوصول إلى الكمال وإسعاد شعبها والمحافظة على البيئة من التلوث! والدخل الممتاز لكل فرد.
والشيء المدهش هو حرصها على متابعة التكنولوجيا، فقد قامت بتوفير هذه الخدمة المجانية للجميع من دون استثناء كي يساهموا في النهضة الحضارية، ولا يتجاوز عدد البطالة عندها نسبة 1.6 في المئة فقط!
إن سنغافورة تنعم بالهدوء السياسي والاجتماعي على رغم تعدد الجنسيات واللغات، فيسكنها 42 في المئة من البوذيين، 15 في المئة من المسلمين، 15 في المئة من المسيحيين، 9 في المئة من التاو، 4 في المئة من الهندوس و2 في المئة ديانات أخرى.
أما اللغات الرسمية فهي الإنجليزية ثم الماليزية والماندرينية (الصينية) ثم التاميل (الهندية).
خمس لغات رسمية وسبعة انتماءات دينية ومع ذلك لا يوجد تناحر أو حروب أهلية... كما هو لدينا في البلاد العربية على رغم وجود دين أو اثنين على الأكثر! لا وجود للتفرقة وكل فرد يعامل بحسب كفاءته، كما أنها قد تفوقت على العالم بانعدام الجريمة وبأقل النسب!
ما هو السر في هذه البلاد الشرقية... هل لنا أن نأخذ بتجربتها الرائعة وهذا قليل من كثير مما لم يمكنني كتابته في هذا المقال عن هذه البلاد المثالية، وأقول علنا نحتذي ويا بخت هذه الشعوب المحظوظة بمثل هذه الحكومة!.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2253 - الأربعاء 05 نوفمبر 2008م الموافق 06 ذي القعدة 1429هـ
يعطيك العافيه
يسلمووو