يمثل فوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية حدثا سيهز المنظومة السياسية الأميركية والعالمية، ولدى أميركا حاليا فرصة للاستفادة من تعاطف عالمي مع رئيسها الجديد يشبه التعاطف الذي حصلت عليه بعد أن تعرضت لهجمات إرهابية في 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وبإمكان الإدارة الأميركية أن تستفيد من انتخاب أوباما، وبإمكانها أيضا أن تضيع على نفسها الفرصة تماما كما أضاعتها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
أوباما هو أول رئيس أميركي من أصل إفريقي، وهو نصف أسود ونصف أبيض، وينظر إليه أنه من الأميركان السود ولكن بثقافة أميركية بيضاء، وهو يجمع بين مؤيديه الأبيض والأسود، ويمثل الشباب أكثر من غيره، ويعتبر رمزا للتغيير المستقبلي في ظل الظروف المالية الكارثية التي سببتها سوق المال الأميركية على العالم.
لقد قال أوباما بعد فوزه صباح أمس: «إن التغيير آتٍ إلى أميركا» وإن القوة الحقيقية لبلاده «ليست فقط بالسلاح وإنما الديمقراطية والتعددية»... ومثل هذا الحديث سيجذب الكثير خارج وداخل أميركا، لأن إدارة بوش تمادت في استخدام قوتها الخشنة، واخترقت القانون الدولي عندما شرعت في احتلال العراق، ومارست التعذيب في غوانتنامو وأبوغريب مما أفقدها مصداقية ما تدعيه من مفاهيم للديمقراطية وحقوق الإنسان. وقد شجع هذا السلوك الأميركي المتعجرف الدكتاتوريين في مختلف أنحاء العالم الذين شرعوا في ترديد عبارات تخفي في طياتها ما يمكن تلخيصه بلسان حالهم: «انظروا إلى أميركا ماذا تفعل، فلماذا تطلبون منا أن نكون أفضل؟».
أوباما حقق فوزا كبيرا في الانتخابات الأميركية لأنه مثل أملا للأميركان في التغيير وهو أصبح أيضا رمزا للتمكين... لتمكين المستضعفين والمضطهدين والمستعبدين والمستغفلين والمحتقرين والمبعدين عن مواقع النفوذ بسبب لونهم أو نوعية انتماءاتهم.... فوصوله إلى هذا الموقع يعتبر صفعة لمن يتمسك بنهج سياسي تمييزي بين أبناء المجتمع الواحد وهو دليل على بطلان كل الادعاءات الجاهلية التي تحاول اتهام نوعية من البشر بأنها غير مؤهلة أو غير موالية أو غير قادرة على تحقيق ما يصبو إليه أي إنسان يمتلك الكفاءة والكرامة. إنها صفعة أيضا لأولئك الذين يبيعون أنفسهم في عالم النخاسة السياسية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2253 - الأربعاء 05 نوفمبر 2008م الموافق 06 ذي القعدة 1429هـ