العدد 1682 - السبت 14 أبريل 2007م الموافق 26 ربيع الاول 1428هـ

تطبيق القانون الذهبي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لا تشكل عودة مبكرة إلى طاولة المفاوضات في الشرق الأوسط خدمة لصالح الفلسطينيين فقط، وإنما متطلب ضروري وآني لحماية المصالح الحيوية لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. سبب ذلك أن البقاء طويل الأمد لـ «إسرائيل» كدولة ذات غالبية يهودية وإعطاء تعبير سياسي لوحدة الشعب اليهودي الوطنية يعتمدان على التفاوض على حل عادل لدولتين يتم بموجبه إنشاء دولة فلسطينية مستقلة قابلة للبقاء في الضفة الغربية وغزة عاصمتها القدس الشرقية. ضمن هذه الظروف من غير المفيد، بل من المضّر فرض شروط على الفلسطينيين الشركاء في المفاوضات، تعتبر غير متوازنة وغير واقعية وغير ضرورية. الشروط الثلاثة التي تم وصفها، وهي الاعتراف بحق «إسرائيل» في الوجود ونبذ العنف وقبول الاتفاقات السابقة، ليست غير معقولة بحد ذاتها.

لا يُتوقع من «إسرائيل» أن تقوم بتوقيع اتفاق مع شريك لا يعترف بحقها في الوجود وهو بالتالي غير ملتزم بإنهاء النزاع. العنف يساهم في إيجاد بيئة لا تشجع على المفاوضات البناءة، والفشل في احترام الاتفاقات السابقة يساعد على تآكل الثقة التي تتطلبها المفاوضات. ولكن إذا كان الهدف هو تشجيع المفاوضات فإن تطبيق هذه الشروط يجب أن ترشده مبادئ المرونة والمعاملة بالمثل. المرونة في متطلب الاعتراف الفلسطيني بـ «إسرائيل» تشير بشكل رئيسي إلى قضية التوقيت. لذلك يجب على حماس الآن ألا تتخذ الخطوة الصعبة أيديولوجيا بالاعتراف بحق «إسرائيل» في الوجود حتى يتسنى لـ «إسرائيل» أن تبدأ المفاوضات مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، على رغم أن اعترافا كهذا ضروري لاستكمال اتفاق متفاوض عليه.

تقترح التجربة أن الانخراط في عملية تفاوضية جادة هو في الواقع أفضل السبل لتشجيع تحول أيديولوجي كهذا. في هذه الأثناء يمكن للاعتراف الضمني المتمثل باستعداد «حماس» للتفاوض مع «إسرائيل» أن يحرك العملية إلى الأمام. وبالنسبة الى قضية نبذ العنف يعتبر المتطلب الرئيسي الالتزام من طرف الشريك التفاوضي الفلسطيني ببذل كل الجهود الممكنة لمنع أعمال العنف.

إلا أنه من الخطأ اعتبار بدء المفاوضات أو استمرارها مشروطة بإزالة جميع احتمالات وحالات العنف. أي تطبيق غير مرن لهذا الشرط للتفاوض سيقدّم للعناصر المعارضة للتفاوض القدرة على وقف أو إفشال عملية التفاوض عندما ترغب بذلك. أما بالنسبة إلى الشرط الثالث فيبدو أن حماس قد حققته ضمنيا من خلال الموافقة على «احترام» الاتفاقات السابقة جنبا إلى جنب مع القرارات الدولية والعربية.

الإصرار الصارم على تنازل حماس الواضح والصريح، أي الاعتراف عمليا بأنها غيّرت موقفها الأيديولوجي، سيخلق عائقا غير ضروري لإعادة بدء المفاوضات. الأمر الأكثر حكمة قبول درجة محددة من الغموض وترك الأمر لديناميات العملية التفاوضية للتغلب على المقاومة الأيديولوجية.

يجب على شروط التفاوض، إضافة إلى الحاجة إلى المرونة في تطبيقها، أن تلتصق بدقة بمبدأ التعامل بالمثل.

التعامل بالمثل مكوِّن أساسي لعملية تفاوضية تخاطب احتياجات الطرفين ومصالحهما يمكن بالتالي الوصول إلى اتفاق يشجع على سلام ثابت وباقٍ، وتعاون متبادل وتسوية نهائية بين الشعبين.

إضافة إلى ذلك فإن مبدأ التعامل بالمثل يوفر أساسا راسخا لتقييم منطقي ومدى مناسبة الشروط المسبقة: يجب على «إسرائيل» أن تكون مستعدة للالتزام بالشروط نفسها التي يجري وضعها للشركاء التفاوضيين الفلسطينيين.

الالتزام الفلسطيني بالتنازل عن العنف يجب مماثلته كذلك بأعمال إسرائيلية موازية مثل التعهد باحترام اتفاقات وقف إطلاق النار ووقف الاجتياحات العسكرية داخل الأراضي المحتلة.

قبول الفلسطينيين بالاتفاقات الماضية والالتزام باحترامها يجب مماثلته بالتزام «إسرائيل» باحترام معظم الاتفاقات، مثل التفاهم الضمني في معاهدة «أوسلو» والصريح في «خريطة الطريق»، بألا يكون هناك المزيد من البناء والتوسع في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

إذا أريد للمفاوضات أن تكون بناءة مشجعة لنتيجة مرضية بشكل متبادل، يجب عليها أن ترتكز على مبدأ التعامل بالمثل. ليس بإمكان أي من الطرفين التفاوض تحت شروط ليس هو نفسه على استعداد لقبولها.

* أستاذ متقاعد فخري بجامعة هارفرد، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند الإخبارية (CGNews)»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1682 - السبت 14 أبريل 2007م الموافق 26 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً