يبدو أن الطريق أمام قيام مثل هذا التكتل تواجهه صعوبات جمة، بعضها خارجية والبعض داخلي بين الأعضاء أنفسهم. ومن الأسباب الداخلية، هناك واقع سوق الغاز العالمية ذاتها. إذ يرى بعض المحللين أنه ليس هناك إمكان قيام منظمة تجمع منتجي الغاز طالما لم يتم إنشاء سوق عالمية للغاز بعد، فهناك أربع أسواق إقليمية: سوق أوروبا وسوق أميركا الشمالية وسوق أميركا الجنوبية وسوق جنوب شرق آسيا. والمطلوب، حتى يصار إلى تجميع هذه الأسواق في سوق موحدة، مزيد من البنى التحتية. في الغاز الطبيعي. ولابد من الإشارة هنا إلى أن تحديد وتطبيق النظام الأفضل لأسواق الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المُسيّل، في البلدان التي تعتمد أنظمة قانونية صارمة قضية معقدة.
وإذا لم تتولَ قوى السوق، على المدى الطويل، زمام القيادة نحو توفير الاستثمارات الكافية في البنية التحتية في الوقت المناسب، فإن المسئولين عن وضع القواعد القانونية المتبعة سيحتاجون إلى إعادة النظر في كيفية تسهيل كل من المنافسة وتحقيق الربح في عملية نقل الغاز داخليا. وعلى الصعيد الداخلي أيضا هناك التناقض بين الدول التي تطمح إلى تشكيل مثل هذا التكتل. إذ يرى الباحث الروسي ألكسي غروموف أنه ليس من مصلحة شركة الغاز الروسية الرئيسية «غاز بروم» إنشاء «أوبك للغاز» موضحا أن «غاز بروم» الروسية كانت قد تعاقدت مع عدد من البلدان الأوروبية على توريد الغاز لها خلال فترة تمتد حتى العام 2036 في حين أن فكرة «أوبك للغاز» تتضمن التحول لتجارة الغاز وفقا لعقود قصيرة الأمد في الغالب. ويظن الباحث أن الحديث عن «أوبك للغاز» يندرج في إطار مساومة سياسية تهدف إلى إفهام الأوروبيين أنه من الأفضل لهم أن يوافقوا على أن تبيع «غاز بروم» الغاز إلى المستهلكين بالطريقة المباشرة وليس عن طريق الجهات الوسيطة على أن يواجهوا تكتلا كاملا من منتجي ومصدري الغاز. وفي السياق ذاته، تفيد دراسات الكثير من المختصين بأن روسيا ستواجه نقصا في الغاز. وحذر وزير الاقتصاد والتنمية جيرمن جريف منذ شهور مضت من مخاطر تعرض روسيا لنقص في إمدادات الغاز الطبيعي خلال الفترة 2007-2009، بل كشف عن وجود عجز في إمدادات الغاز منذ نهاية العام 2006. يضاف إلى تلك الأسباب الداخلية سببا خارجيا أساسيا هو العداء الغربي لقيام مثل هذا التجمع. ففي خطوة تعبر عن قلق واشنطن من هذه الفكرة ذكرت نائبة رئيس لجنة الشئون الدولية في مجلس النواب بالكونغرس الأميركي ايليانا روس ليتينين أن إنشاء كارتيل للغاز على غرار منظمة أوبك بمشاركة روسيا وغيرها من البلدان يشكل تهديدا طويل الأمد لإمدادات الطاقة في العالم. ودعت ليتينين إدارة الرئيس جورج بوش إلى صوغ استراتيجية مشتركة مع حلفاء الولايات المتحدة لمواجهة هذه الخطوة، واقترحت ليتينين على إدارة بوش أن تعلن للحكومة الروسية بشكل واضح أن تشكيل مثل هذا الكارتيل يعتبر خطوة غير ودية تنعكس سلبا على التعاون بين البلدين في المجالات الأخرى. وأكدت ضرورة تنشيط التعاون مع بلدان آسيا الوسطى «لمد أنابيب لنقل الغاز، وتشييد البنى التحتية الأخرى التي تخلصهم من التبعية لروسيا وإيران وغيرهما من البلدان في مجال تصدير الغاز» على حد قولها.
أما مفوض الاتحاد الأوروبي لشئون التجارة البريطاني بيتر ماندلسون فإنه يعتقد أن بوسع إنشاء «كارتيل للغاز» أن يعطي إشارة غير صائبة لمستهلكي الغاز الطبيعي في العالم.
وقال ماندلسون في حديث للصحافيين في موسكو في السابع والعشرين من الشهر الماضي: «عندما يجري الحديث بشأن «كارتيل» فيعني ذلك عادة التنظيم الذي يحاول كسب امتيازات عن طريق فرض هيمنته في السوق». وأوضح المفوض الأوروبي «لا أعتقد أنه يتعين على منتجي الغاز توجيه هذه الإشارة بالذات لأنها سترغم المستهلكين على الشعور بأنهم غير واثقين من أنفسهم وعدم الثقة هذه ستعود بدورها على المنتجين الذين سيكونون في وضع غير مستقر». وقال إنه «من الأفضل تثبيت قواعد تجارية واضحة تنظم بيع وتوريد جميع السلع بما فيها موارد الطاقة وبالتالي الغاز». قد تبدو ظروف هذه الدول غير مواتية، ولربما كانت التحديات التي تواجهها صعبة، لكن أوضاع الدول التي تجرأت وانشأت أوبك في مطلع الستينات لم تكن بأحسن منها. والسؤال من يعلق الجرس؟ ومتى يتم ذلك؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1680 - الخميس 12 أبريل 2007م الموافق 24 ربيع الاول 1428هـ