انشغل الشارع الرياضي خلال الأيام الماضية بقضية ضرب الحكم الشاب عبدعلي المدوب أثناء إدارته مباراة ضمن دوري الأشبال، والمحاولات المتعددة التي يقوم بها أهالي اللاعبين المدانين في القضية مع الحكم للتنازل عن القضية.
لسنا هنا بصدد الحكم في القضية أو التحقيق فيها أو الترافع عن جهة معينة؛ لأن هذا الشأن يعني الطرفين المتنازعين، لكن تبقى هذه الحادثة من القضايا التي يجب أن نتوقف عندها؛ لأنها تخص رياضتنا وشأننا الداخلي، وقد شاهدنا قبل يومين هذه القضية تذاع عبر القنوات الفضائية التي تناولتها بإسهاب وجعلت منها مادة إعلامية دسمة، وخصوصا أن هذه الفضائيات يصل مداها إلى جميع القارات، أي أن قضية المدوب عرفها القاصي والداني.
وما حدث في تلك المباراة من هرج ومرج وضرب الحكم كان متوقعا حدوثه في أية مباراة من مباريات منافسات الفئات، بسبب عدم وجود الحماية للحكام من جهة، وغياب الوعي والثقافة الرياضية من جهة أخرى.
فحماية الحكم من واجبات الاتحاد ولجنة الحكام، وذلك من خلال التنسيق مع وزارة الداخلية لتوفير عدد من عناصر رجال الأمن في كل مباراة تحسبا لأية محاولة اعتداء على الحكام، أو اشتباك اللاعبين فيما بينهم خلال المباراة.
أما الجانب الإرشادي والتثقيفي فهو من مسئوليات الأندية نفسها من خلال الأجهزة الفنية والإدارية المشرفة على فرق الفئات والتي يجب أن تدرك دورها جيدا، ويجب أن تكون هذه الأجهزة قادرة على التعامل مع اللاعبين الصغار.
والتعامل مع الشبل يحتاج إلى فن ودراسة وخبرة عملية، وفي أحد البرامج التي تعرضها قناة «الجزيرة الرياضية» والتي تحدثت عن طرق التعامل من اللاعبين الصغار، قال أحد المدربين المتخصصين في تدريب الأشبال إنه من الخطأ تحميل هذا الشبل أكبر من طاقته، يجب أن نجعل اللاعب يستمتع بركل الكرة والسير بها، ويجب أن نجعل اللاعب الصغير يعبر عن مهاراته الفنية، وأن يمنح المساحة الكافية للتعبير عما يفكر فيه داخل الملعب والتصرف على سجيته حتى نتمكن من اكتشاف مهاراته الحقيقية، مضيفا أنه من أكبر الأخطاء التي يرتكبها المدربون أو الإداريون هو الصراخ على اللاعبين ومطالبتهم اللاعبين بالفوز، من دون الاكتراث بتنمية المهارات الأساسية لكرة القدم.
هذا الكلام فيه الكثير من الخبرة، والتي يجب على جميع المسئولين عن اللاعبين الصغار الاستفادة منه، فاللاعب الصغير يجب أن نزرع فيه القيم الأساسية لكرة القدم، ويجب أن نزرع فيه حب كرة القدم، والأهم أن نزرع فيه احترام الآخرين وخصوصا المنافسين له والحكام، إذ إن هذه الأمور هي قمة الروح الرياضية التي دائما نطالب الرياضيين أن يتحلوا بها.
ومع الأسف، إن معظم أنديتنا تسند مهمة تدريب فرق الصغار والإدارة المشرفة عليها إلى مدربين قليلي الخبرة وليس لديهم أية خبرة تدريبية سابقة، إذ بمجرد أن يعتزل اللاعب يتم إسناد مهمة تدريب أحد فرق الفئات إليه، وهذه هي الطامة الكبرى لدينا.
نتمنى من أنديتنا أن تعيد النظر في أجهزتها الفنية والإدارية المشرفة على فرق الفئات لديها، وأن تقيم عملهم بناء على نقاط معينة تتعلق بالأمور الأساسية في كرة القدم ومن بينها الأخلاق الرياضية، وألا يكون التقييم الأساسي للمدرب أو الإداري هو النتائج والفوز، إذ من السهولة أن تحرز البطولة، ولكن... إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
إقرأ أيضا لـ "كاظم عبدالله"العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ