يقول الامام علي بن أبي طالب (ع): «لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا».
للسلطة ... أية سلطة كانت أعوان ومؤيدون ومساندون ومريدون... وهناك في المجتمعات كافة سواء المتحضرة أو المتأخرة عشاق للسلطة، لا يهنأ لهم عيش إلا بقربها والاسترخاء تحت ظلها.
وأية سلطة كانت لا تغلب ولا تجهد نفسها بالبحث عن أعوان لها وطامعين في رضاها فهؤلاء كثر، ويعرضون خدماتهم بطرق شتى ووسائل مختلفة، ويضعون أنفسهم تحت تصرف السلطة بأي شكل.
ولكن المعضلة التي تواجه أية سلطة هي أن تجد لها شركاء!
دائما ما يكون عبر التاريخ قيام السلطة بعقد تحالفات بما يشبه الشراكة مع قطاعين مهمين في المجتمع، ويملكان أيضا سلطة موازية لسلطة الحكم، وقد تكون سلطتهما أكبر وأقوى، لكنها مختلفة عن سلطة الحكم ... وهما.
فسلطة الدين سلطة روحية، خطيرة لا نقاش فيها أو جدال... ورجل الدين لدى أتباعه يتمتع بقدسية عالية تفوق قدسية الحاكم أو مكانته في قلوب شعبه.
وسلطة رجل الدين أو المرجع الديني يستمدها من عاطفة الناس وقلوبهم وعقولهم، وحرصهم على إرضائه؛ لأن رضاه يعبر بهم الطريق إلى غايتهم المنشودة برضا الرب وقربه والفوز بنعيمه.
أما سلطة رجال المال... فهي سلطة الشهوة المفرطة التي قدمها الله - عز وجل - على متعة الأولاد حين قال (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) أي أن متعة المال سبقت متعة الأولاد وتفوقت عليها.
وعمليا ليس هاتان السلطتان فقط هما اللتان يسعى الحاكم لاستقطابهما... فإذا كانت في الدولة المدنية ثلاث سلطات... (السلطة التنفيذية) أي الحكومة التي تنفذ القوانين والمشروعات وتدير الدولة عبر وزاراتها المعنية، و(السلطة التشريعية)؛ أي مجلس الأمة أو مجلس الشعب، وهوالذي يشرع القوانين ويسنها، وهو الممثل الشرعي للشعب، الذي وصل أعضاؤه بالانتخاب الحر المباشر.. و(السلطة القضائية) وهي سلطة مستقلة تكون دائما صاحبة الكلمة الفصل في القضايا والمنازعات.
وهناك بالإضافة إلى ما مضى (السلطة الرابعة) وهي الإعلام أو الصحافة ، والتي اكتسبت هذا الاسم من تعليق اللورد ادموند يورك المتوفى العام 1797 الذي قال في مجلس العموم البريطاني : ( توجد سلطات ثلاث و لكن عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحافيين يجد السلطة الرابعة )... هذه تملك قوة خطيرة، على الرغم من أن سلطتها غير مباشرة، لكنها تملك الوسيلة الأساسية للترويج والدعاية... ولها دور كبير في التأثير على الرأي العام وتسييره.
لذلك نجد الحاكم دائما يسعى لعقد اتفاق تراضٍ مع الصحافة ووسائل الإعلام، ويسعى لتلبية طلباتها وسد حاجاتها... ويعمل على استقطابها لصفه... وهو ينجح أحيانا مع بعض وسائل الإعلام... ويخفق أحيانا أخرى مع بعضها الآخر.
إن هذا التحالف بين الحكم وسلطة الإعلام يعتبر من أقدم التحالفات، ومن قبل حتى أن يعرف مصطلح الإعلام كمسمى للتواصل وتبادل المعلومات وتناقل الأخبار، فقد كان الحكام والسلاطين يقربون منهم الشعراء والرواة من أجل أن يتناقلوا أخبارهم بين الناس ويثنوا عليهم في أحاديثهم وقصائدهم ، ويبرزوا الصفات الحميدة حتى لو لم تكن فيهم.
العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ