لجوء عدد من المنتجين لخوض التجربة مرة أخرى على رغم الخسائر التي لحقت بهم، أثار استغراب متابعين للوسط السينمائي، وما أثار دهشتهم أكثر هو استعانتهم بفريق العمل نفسه. نقاد وفنانون حللوا الوضع وأكدوا أنه لم تعد هناك مشكلة بالنسبة إلى المنتجين بعدما لجأوا إلى حيلة بيع النيجاتيف، وهو ما يعرف بنظام البيع «القطاعي» حتى يضمن صناع هذه الأفلام، تحقيق المكاسب من عرض أعمالهم، وإنقاذهم من ورطة خسائر شباك التذاكر.
وأشار سينمائيون، أن هذا الأمر له قدرة وسيطرة على السوق والنجوم وإيراداتهم، لأنها تتحكم في العملية الفنية والسينمائية والأمر من البداية للنهاية عرض وطلب يقول المنتج رئيس غرفة السينما منيب شافعي : إن هذه المسألة تخضع للعرض والطلب، لأننا نعيش في عصر الاقتصاد الحر والأسواق المفتوحة، فلايمكن أن نتدخل في بيع أو شراء الأفلام كنيجاتيف، أو بيعها قطعيا، وهذه المسألة لايمكن أن تتحكم في النجوم، لأن هناك اتجاهات كثيرة في هذه المسألة، فهناك موزع يحب أن يبيع الفيلم قطعيا في عدد من دول الخليج، وهناك من يفضل توزيعها بنفسه في انتظار إيرادات أكبر، ومسألة النيجاتيف أيضا لها قواعد في البيع، فهناك من يبادر ويسارع ببيعه قبل العرض، وأخر يفضل الانتظار حتى عرض الفيلم، ويرصد استقبال الجماهير له، ثم يبيعه بالسعر الذي يريده، وفقا لنجاحه. وأضاف: إن مسألة تحكم البيع في النجم تكون بحسب مزاج المشتري وجودة العمل، لذلك لايمكن في رأيي تحديد وجهة نظر محددة في مسألة البيع، لأنها مسألة مختلفة من شخص لآخر.
مسألة ملحة
يقول المنتج مجدي الهواري: إن السينما تعتمد بشكل كبير على البيع القطعي أو الخارجي، كما كان يسمى قديما، حتى إن السيناريوهات كانت تباع والأجور تحدد وفقا لاختيارات الموزع الخارجي، وكان شغلنا الشاغل هو بيع الفيلم في الخارج، ونجوم كثيرة صنعتها إيرادات وعقود الخارج، لكن في العام 1996 انتهت أسطورة البيع الخارجي حتى، أصبح موزع الخليج مثلا يشتري الفيلم قطعيا في كل دول الخليج دفعة واحدة، وبعدها بدأ الاعتماد على البيع الداخلي وشباك التذاكر، واستمر هذا الأمر حتى ازداد عدد القنوات الفضائية، التي تسعى خلف الأفلام، وتشتري حقوق العرض والنيجاتيف، وأصبحت المسألة ملحة وضرورية للأفلام، وهذا ما جعل الموزع في حال قلق من العرض قبل البيع، وفعلا هناك أفلام تراجعت بسبب أنها لم تباع، على رغم أنها من الممكن أن تكون جيدة· ويضيف الهواري: مسألة بيع النيجاتيف أصبحت الآن تتحكم في النجوم، وفي أجورهم بالقدر الذي كان يتحكم فيه التوزيع الخارجي، فأنا كمنتج أتعامل مع النجم وأعطيه أجرا يتناسب مع ما يقدمه وما يحققه من إيرادات، ومسألة بيع الفيلم تخدم الممثل من دون شك، فيأخذ أجره الحقيقي لأن أفلامه تتهافت عليها القنوات الفضائية، أما إذا لم تبع الأفلام ولم يشتريها أحد من المؤكد أنها سوف تؤثر على أجره وعلى وضعه في السوق.
مخاطرة ومغامرة
وتقول المنتجة مي مسحال: إن هناك مخاطرة ومغامرة بعرض الفيلم من دون بيعه، خصوصا مع دخول القنوات الفضائية مجال الإنتاج، وشراء النيجاتيف وبعد أن تركت للناس حقوق التوزيع الداخلي، أصبحت هذه المسألة مهمة جدا، لذلك فإن عدم بيع الفيلم يعني رغبتي في الحصول على كل قيمته من الداخل فقط· وتضيف: إن المخاطر تعود على المنتج وحده، فهو الذي يتحمل كل شيء، ويضار من الخسارة وحده، كما أن تحديد عرض الفيلم يتوقف على جودته ومستواه، فمثلا فيلم «فتح عينيك» الذي عرض العام الماضي لمصطفى شعبان، ونيللي كريم وطلعت زكريا وهو من إنتاجي وعلى رغم عدم بيعه فإنه حقق مكاسب جيدة... يرى المنتج محمد العدل أن مسألة بيع الفيلم لاتؤثر من قريب أو بعيد على نجومية الممثل، لكنها تكشف الأفلام أحيانا فلو أن المنتج واثق من فيلمه ونجاحه فلن يفرط فيه بسهولة، أما إذا كان المنتج يشعر أن فيلمه سينكشف فيبادر ببيعه بأي ثمن، لكن أحيانا يضطر المنتج لبيع فيلمه إذا لم يكن لديه ما يكفي لإنتاج الفيلم بالصورة التي يريدها، فيبيع النيجاتيف ويحتفظ بإيرادات الداخل من أجل عمل فيلم ينافس على شباك التذاكر· ويضيف: مسألة بيع الأفلام ألا تؤثر على جودة الفيلم مع المنتجين الكبار والموزعين الحقيقيين؟ فكل شخص يتمنى أن تحقق أفلامه أعلى الإيرادات فنحن نقدم أفلاما لتكسب بغض النظر ما إذا كانت بيعت أم لا.
البديل الحقيقي
يقول المنتج محمد زين: إن مسألة بيع الأفلام قطعيا، أو بيعها كنيجاتيف يتوقف على الطرفين البائع والمشتري، فالشكل التقليدي لتوزيع الأفلام في الخارج لم يعد متاحا الآن، والبيع القطعي هو البديل الحقيقي للتوزيع الخارجي، والموزع هو الذي يحدد شكل البيع، أما مسألة تأثير بيع النيجاتيف على الأفلام والنجوم، ففي رأيي أن هذه مسألة مفتعلة، فكل الأفلام الآن تجد مشترين لها، بل إن الموزعين والقنوات الفضائية يتفاوضون، ويحدث بينهم جدل بشأن السعر الأكبر، فكل مايقال عن عدم بيع الأفلام، ليس حقيقيا ولا عن وجود أية أزمة في هذه المسألة، وأتحدى أن يكون هناك فيلم حديث لم، يجد طريقه للشراء، وكل ما يقال غير ذلك في رأيي مجرد دعاية ليس أكثر، من الموزعين لهذه الأفلام· يضيف زين: من الممكن أن يتحكم الموزع في نجومية الفنانين، فأنا شخصيا قمت ببيع فيلم «خالي من الكولسترول» لإلهام شاهين، وأشرف عبدالباقي لإسعاد يونس، فدمرتني لحساب فيلمها «أبوعلي» لمنى زكي وكريم عبدالعزيز، وخسرت بسببها أكثر من نصف مليون جنيه، بإعطائه دور عرض أقل وسحبه من السوق مبكرا ولم أتعامل، مثل باقي المنتجين ولم أطلب سلفة إنتاج منها قبل أن أنهي فيلمي، لكنها للآسف لم تقدر ذلك وعرضت فيلمي للخسارة، على رغم أنني شكوتها لغرفة صناعة السينما وحررت لها محاضرا، فمؤامرات الموزعين يمكن أن تطيح بأحلام النجوم، ولكني أعتقد أن المنتج الواعي لايمكن أن يكرر الخطأ نفسه مرتين، وكذلك النجم الذي يخشى على اسمه ونجاحه يجب أن يفكر ألف مرة قبل الدخول في تجارب مماثلة·
سلاح ذو حدين
ويرى المنتج محمد نصر الدين أن مسألة بيع الأفلام قبل عرضها، من الممكن أن تتحكم في نجوم السينما، ولكن مسألة البيع القطاعي أو بيع الأفلام كنيجاتيف، لها مزايا ولها عيوب، فمن الممكن أن تطيح هذه العملية بأحلام النجوم، وفي الوقت نفسه يمكن أن تساعد الإنتاج بتوفير سيولة تأتي في صالح العمل الفني، لأنها سلاح بحدين بالنسبة للمنتج فأفلام النجوم الكبار التي تكلف ملايين كثيرة، يجب أن تُباع قبل العرض خوفا من أي سقطات أو مفاجآت يمكن أن تطيح بالنجم والفيلم، فأحيانا تشتري القنوات الفضائية أو من ينوب عنها وفقا للمصالح الشخصية لهذه الأفلام، والمسألة من الممكن أن تدمر السينما المصرية عموما، إذا ما اشترت هذه الجهات أفلاما سيئة بأسعار كبيرة، ورفضت أفلاما جيدة أو أعطتها مبالغ زهيدة، وبذلك تعود إلى سينما المقاولات، يؤكد أن بيع الفيلم قبل عرضه مباشرة يعطي الموزع دفعة أيضا، إذ يعرض من دون خوف، وإيرادات الشباك بعدها تكون لصالحه·
العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ