العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ

جبر علوان يتوج ربيع الثقافة بمجيئه في اللاوعي

افتتح معرضه مساء الأحد بصالة الرواق

احتفى بالمرأة الجميلة، تناولها في أعماله بروح شرقية جذابة، مستخدما الألوان بكثافة وحِدّة لإبرازها كعنصر أساسي، معتبرا إياها مكنونا من الجمال الذي لم يصل أحد لفهمه الكامل، وبإصرار على أن تكون المرأة هي سمته الأبرز، ولتكون أسلوبه الخاص في أعماله الفنية.

بهذه العبارات قرأت مجموعة من فناني البحرين التشكيليين تجربة الفنان العراقي جبر علوان، في تعليقهم بمناسبة افتتاح معرضه بصالة الرواق للفنون التشكيلية ضمن برنامج مهرجان ربيع الثقافة، ليختزلوا انطباعاتهم تجاه تجربته الممتدة لنحو 40 سنة من مزاولة فن الرسم، وتقديرهم لعمق هذه التجربة وما تعطيه من إيحاءات.

تجربة علوان من التجارب المتقدمة، التي تمثل جزءا مهما من الفن العالمي الحديث، إذ تطور فنه من رسم المناظر المحلية في العراق بأسلوب واقعي، مثل رسم الريف العراقي والحيوانات والمرأة العراقية والتراث العراقي بشكل عام، إلى الدخول في نطاق الرسم التشخيصي بعد أن تشبع برسم التفاصيل، ليتطور مع تطلعه ومتابعته لتطورات فن الرسم العالمية، ولتتحول الفلاحة التراثية العراقية إلى امرأة حديثة عالمية.

«لوحاته مجموعة من المساحات اللونية، اختزلها من البعد الثلاثي إلى البعد الثنائي» بذلك تعبر الفنانة بلقيس فخرو عن أسلوب الفنان علوان، مضيفة «تحولت لوحة جبر إلى علاقة بين المساحات اللونية بين اللونين الأسود والأحمر، وأصبح للوحة أسلوب تعبيري دراماتيكي يثير الانفعال لدى المشاهد، من استعماله للألوان التي تصدم المشاهد، فيضع الألوان الغير متوقعة وسط ألوان ترابية مثلا وأشهر لوحاته أتت بهذه التركيبة». تصف فخرو إحدى اللوحات بإيحاء بقعة حمراء كأنما هي وردة في كأس على بيانو أسود، لتؤكد بأن هذا التضاد الحاد في الألوان، وبين الضوء والظل، وتضاد الألوان المكملة لبعضها، يعطي اللوحة نوعا من الغموض الذي يصعب معه تفسير لوحات علوان بتفسير علمي، معبرة عن إحساسها بالقول «هو يحتوي المشاهد من أول مرة، ويعطي إحساسا بالحميمية بين المرسل والمتلقي، وهي ميزة لا يملكها سوى جبر في لوحاته». تتصف تجربة جبر علوان بالتميز بين الفنانين العرب كما يرى الفنان جعفر العريبي، وذلك من خلال تناول المرأة في لوحاتهم، وتوظيفها بما يعكس إيحاءات متميزة تتعلق بالمرأة، إذ يرى العريبي أن جبر قد ركز على هذا الموضوع في اغلب مواضيعه التي طرحها عبر لوحاته. ولا يجد العريبي حضور سمة المرأة في لوحات علوان نوعا من التكرار المبالغ، موضحا بالقول «لا اعتقد بوجود تكرار بالنسبة إلى جبر، بقدر ما هو إصرار منه على موضوع معين، إذ أن الفنان يعالج قضيته بوضعيات ورؤى مختلفة، مما يعطي عمقا كبيرا للتجربة التي يشتغل عليها الفنان، وهذا يعود إلى قناعات راسخة عند الفنان في العمل على قيمة المرأة».

تشارك العريبي في رأيه الفنانة نبيلة الخير، إذ ترى في حضور المرأة الذي يغلب على لوحات علوان التجربة الخاصة بالفنان، مؤكدة بالقول «كثير من الفنانين ضلوا مواظبين على تجاربهم لسنوات طويلة، ثم يقومون بتغييرها بعد فترة، ومن الصعوبة الدخول إلى عالم الفنان الخاص، وفهم الرؤية التي تحدد نوعية أعماله».

علوان يكرر نفسه فعلا كما ترى فخرو، ولا تعتقد انه يريد أن يخرج من هذا الطور، وذلك يعود لأن الناس تقبل عليه «عندما يصل الفنان لمرحلة من العمر، يضع لنفسه طابعا معينا، والكثير من الفنانين يقتنعون للدرجة اللي يصلون إليها، وكل فنان يحب أن يترك له بصمة، وإذا اقتنع انه وصل لأسلوب معين فهذا ذكاء، لأن هناك فنانون آخرون سيخلقون لهم طابعهم الخاص بهم، فلماذا يغير نفسه وأسلوبه والأمر ليس من مصلحته؟». الفنان عباس يوسف يرى أن من الصعوبة إصدار أحكام على تجربة تفوق الأربعين سنة من الاشتغال في مجال الفن التشكيلي كتجربة علوان، إنما الأمر المهم في رأيه هو «أن اختلفنا أو اتفقنا فتبقى لتجربة جبر علوان نكهتها وخصوصيتها، ومثل هذه التجربة لابد أنها ستضيف للمشهد التشكيلي في البحرين الشيء الكثير، وقد كونت تجربة مثل تجربة جبر بحضورها في البحرين والوطن العربي أسلوبا للفنانين المبتدئين أخذوا بتكراره، وأصبح مدرسة للكثير من المشتغلين في الفن التشكيلي، وأخذ اسمه ينتشر وذو مكانة بين الفنانين، فمن الصعوبة إلغائها أو التقليل من شأنها، وستكون إضافة للمتلقي، ولنمطية رؤيته للعمل الفني».

تضيف الفنانة نبيلة الخير من جانبها على ما قاله عباس أن «أداء جبر وحريته في استخدام الألوان هي ميزته بين باقي الفنانين، ألوانه دائما مبهرة، حتى بات الفنانون في الدول العربية يطلقون عليه الفنان الملون لجمالية الألوان التي لديه، مواضيعه مرتبطة دوما بالنساء، والموسيقى والبيانو، وتأخذك لوحاته إلى داخلها».

أما بخصوص تشبع المتلقي البحريني من خلال حضور علوان المتكرر، تجد الخير أن البحرين على حجمها الصغير، فهي تستضيف الكثير من المعارض الفنية، وبمعدل ثلاث إلى أربع معارض في الشهر، مؤكدة أن الكثير من الفنانين يزورون البحرين، ولا ضرر من تكرار زيارة علوان، إذ له جمهوره ومتذوقيه في البحرين.

فخرو أيضا لا تجد أن الملتقى البحريني تشبع، «فالمتذوق لو اشترى لوحة لفنان بسعر معين، فلماذا اشتري للفنان نفسه إلا إذا أغرمت بأسلوبه، وهو ما يدفعني كل مرة للشراء، حتى مع تنوع الفنانين ونوعية اللوحات في العالم».

وتعتقد فخرو أن علوان لا يستطيع التوسع عموديا في تطوير أسلوبه، إنما يمكنه أن يتشعب أفقيا باستخدام الأسلوب الثابت والمواضيع المتغيرة».

«يأتي هذا المعرض كمسك الختام لبرنامج ربيع الثقافة» كما يرى عباس، إذ يجد أن هذا الختام أكثر من موفق في مجيئه في اللاوعي، موضحا «فمثلا، الهجمة التي أتت على ربيع الثقافة ونص قاسم حداد الذي غناه مارسيل خليفة، يتوجه جبر علوان جماليا باحتفائه بالمرأة والجمال، بكون المرأة حسب كلام جبر، عالم الجمال الذي لم يكتشف بعد».

وكما يرى يوسف أن ميزان نجاح المعرض أو فشله هو المتلقي الذي يحدد ذلك فيما لو بيع المعرض أو اقتنيت بعض معروضاته، فإن العريبي يرى من خلال التجربة الثانية التي يشهدها لعلوان للفنان حضورا ممتازا في الساحة البحرينية، وهذا يرجع إلى طبيعة عمل الفنان نفسه والملتقى، متمنيا من الغالريات الخاصة والجمعيات الرسمية المهتمة بالنشاط التشكيلي أن تكثر من المعارض الداخلية والخارجية، وهو ما يجده وسيلة لإثراء الساحة التشكيلية البحرينية.

العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً