طلب مني جار لي في القدس أن أكتب رسالة إلى حماه الأميركي الذي أرسل له وابلا من الرسائل الإلكترونية مهاجما باراك أوباما. في فرن في الحي، اقترح صاحب الفرن هامسا بأنه قد يكون بإمكان أن أشرح لسائحة تعلن بلكنة نيويورك وهي تحتسي القهوة الإسرائيلية القوية بالحليب، أنها ستصوّت لماكين.
أصدقاء قدامى في كاليفورنيا يعبّرون عن قلقهم بأن اليهود الكبار في السن في ميامي يعتقدون أن ماكين أفضل لدولة «إسرائيل». «تذكر العام 2000» يقولون لي بأسلوب قاتم. كل صوت له قيمته.
لدي شكوك بأن هناك خطر خسارة ما هو أقوى عاطفيا من مجرد الحسابات الانتخابية. يرتعب أصدقائي من عار أم أو عم يلطخون سمعة العائلة أو العشيرة بصوت انتخابي خاطئ، يزعم أنه لمصلحة «إسرائيل». يشكل ذلك عارا في رأيي، لأن أسباب كون أوباما أفضل لأمن «إسرائيل» هي أسباب كونه أفضل لأمن أميركا نفسها.
لنبدأ بادعاء ماكين بخبرة أكبر في السياسة الخارجية. على رغم تلك الخبرة، فقد صوت لصالح غزو العراق. أوباما عارض ذلك بالطبع. بغض النظر عن الحكمة التقليدية فقد كانت للحرب نتائج سلبية قوية على «إسرائيل».
بالإضافة إلى العراق، من الأمثلة الرئيسية على التصرف السياسي الأخرق المماطلة والرفض من قبل الإدارة الأميركية لمفاوضات السلام الإسرائيلية السورية. جرت الاتصالات بوساطة تركية بين القدس ودمشق منذ السنة الماضية، إلا أن الولايات المتحدة رفضت الانضمام إلى العملية. وحسب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون ليل، فإن موقف واشنطن هو الذي منع حصول الاتفاق.
اتخذ الرئيس السوري بشار الأسد «قرارا تاريخيا» بأن مستقبل بلده «مرتبط بالغرب وليس بإيران»، يقول ليل. سيكون السلام مع «إسرائيل» هو الأسلوب الذي ستعيد سورية تنظيم وضعها من خلاله. ستفقد إيران حليفا رئيسيا، وكذلك حزب الله وحماس.
ويقول ليل، الذي عقد اتصالات من وراء الكواليس مع سورية سبقت المفاوضات الرسمية، إن رفض الإدارة الانضمام إلى العملية يرتكز على «رؤية بالأسود والأبيض»، إذ إن سورية هي واحدة من الأشخاص السيئين وبالتالي ليست هناك ضرورة للتحدث معها. وهو يصنف فرص تغيير الموقف وحصول صفقة سلام تغير خريطة المنطقة بشكل مهم لصالح «إسرائيل» على أنها مرتفعة إذا أصبح أوباما رئيسا.
إلا أن عزل إيران لا يعتبر كافيا للتخفيف من قلق «إسرائيل» الأعظم، ألا وهو احتمالات أن تقوم إيران بإنتاج سلاح نووي.
عند الكلام بشكل غير رسمي يتكلم حتى الخبراء الإسرائيليون بإيجابية بشأن محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، كما اقترح أوباما. ليس هناك من سبب يمنع محاولة الخيار الدبلوماسي. إلا أن المكّمل للدبلوماسية هو العقوبات الاقتصادية الدولية الأشد. وحتى يتسنى تحقيق تعاون كهذا سيتوجب على واشنطن إنهاء التوجه الأحادي ذي القطب الواحد الذي تم اتباعه أثناء سنوات بوش. إلا أن عرض عضلات واشنطن، مهما كان مقنعا عاطفيا، هو أقل فعالية من بناء التحالفات. حدوث هذا التحول هو أكثر احتمالا تحت حكم أوباما مما هو تحت ماكين.
تعتبر فرص أن يقوم الرئيس المقبل بتكريس طاقة للدبلوماسية الإسرائيلية الفلسطينية في فترة مبكرة من رئاسته، عند النظرة الأولى، منخفضة. سيشكل الاقتصاد أولى أولوياته. أما اهتماماته في الشرق الأوسط فستكون في نطاق العراق وأفغانستان.
إلا أن النزاعات لا تنتظر حتى يتوافر الوقت للقادة للتعامل معها. الهدوء الحالي في «إسرائيل» وغزة والضفة الغربية هش. السؤال الحقيقي هو ما إذا كان الرئيس قادرا على تكريس الاهتمام لتجنب جولة جديدة من العنف حتى وهو يتعامل مع أولويات أخرى.
وهذا سؤال يتعلق بالشخصية، وللإجابة عليه أنظر إلى كيفية تعامل أوباما وماكين مع الأزمة الاقتصادية في نهاية سبتمبر/ أيلول. أراد ماكين إلغاء الحملة الانتخابية والمناظرة، بينما كان رد أوباما «سيكون الأمر جزءا من مهمة الرئيس أن يتعامل مع أكثر من أمر واحد في الوقت نفسه».
في الحقيقة، قد تكون الشخصية، عند مراقبة الانتخابات من دولة تعتمد على الدعم الأميركي، هي الموضوع الأساسي. هل من الأفضل لـ «إسرائيل» في وجه أية أزمة في الشرق الأوسط، أن تتطلع إلى رئيس يستمتع بنرد القمار وهو يتدحرج أم برئيس يكرس نفسه لتجنب الدراما؟ ماذا يعني الأمر للسياسة الأميركية أن يتم وضعها من قبل رئيس راهن، في لحظة طيش، ليس فقط بترشيحه وإنما أيضا بمستقبل وطنه على شريك لم يأبه بفحصها والتأكد منها.
وبمناسبة الحديث عن هذا الموضوع، كيف يمكن للرئيس بالين أن تتعامل مع تجربة نووية إيرانية أو حتى انفجار مفاجئ للوضع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية؟
لا أحب أن أفكر بأسئلة كهذه. لديّ ما يكفي من الأسباب لأكون متوترا، بما أنني أقيم حيث أقيم. ما يحصل في ميامي قد يجعل من الأسهل لي أن أنام مرتاحا في الليل.
*مراسل رئيسي لـ «The Prospect»، وهو مؤلف عدد من الكتب، ولديه مدونة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2253 - الأربعاء 05 نوفمبر 2008م الموافق 06 ذي القعدة 1429هـ