قاتلٌ يتمشى في طرقات البحرين بحريةٍ! ألا يكفي هذا السبب - مبدئيا - لأن يحس البحرينيون بالغضب؟ لا يمكن أن ننتقل بهذه السرعة - أمنيا - إلى حوادث قتل متكررة من دون أن نتوقف للحظات لقراءة ما كان وسيكون، هنا.

وبعيدا عن مزايدات التسييس في حادث رحيل فقيد البحرين عباس الشاخوري حتى تُظهِر الأجهزةُ الأمنيةُ تقريرَها النهائي، ثمة بعض النقاط العالقة، ولابد من بيانها بدقة.

وفي الوقت الذي ندعو فيه كل القوى السياسية والاجتماعية إلى ضبط الشارع مخافة أن ينجرف في سحيق هاوية يسعى إليها البعض، فإننا ندرك أن مقدار الوجع في قلوب البحرينيين كبيرٌ، ويستحق منّا مجاراته.

اليوم على الأجهزة الأمنية أن تبادر إلى القيام بواجبها، فأداء الأجهزة الأمنية خلال العامين الماضيين لم يكن بالمستوى المأمول منها. الكثير من الحوادث الأمنية كـ «السرقة» و «تهريب المخدرات» لم يُكشف عنها. واليوم أمام هذا المحك والاختبار الصعب سيكون على الأجهزة الأمنية أن تبرهن على كفاءتها وعلى قدرتها على توفير الأمن للمواطنين، وإلا فإن حديثا وطنيا عن «السلاح» لابد من أن نفتحه على مصراعيه.

من يمتلك السلاح - ولو كان مرخصا - في البحرين؟ وما دواعي امتلاكه؟ البحرين التي مرت بعاصفة التسعينات لم تشهد إطلاق رصاصة واحدة، واليوم في عهد الانفتاح السياسي لابد أن يتوقف سيل الرصاص، أيا كان مصدره.

أدبيات حال نشوء «الدولة» تصورها بالمصدر الوحيد للسلاح، وهي المحتكر الأوحد لـ«لعنف»، ولا يمكن السماح - لأيٍّ كان - خارج وظيفته القانونية أو الأمنية بأن يكون حائزا أداة العنف هذه. أضف إلى ذلك أن أداء أجهزة الجمارك في منفذنا البري الوحيد والمفتوح على منطقة رائجة بالسلاح غير المرخص هو أداء أقل ما يمكننا أن نصفه بأنه مدعاةٌ للسخرية.

إن ضبط منافذنا البحرية والبرية ضرورةٌ مهمةٌ أمام آفتي «المخدرات» و «السلاح». قد نبدي امتعاضنا من بعض التدقيقات الأمنية في منافذنا الحدودية، ولكن مهما بلغت بنا مستويات الامتعاض هذه فهي لن تصل إلى حد مجاراة حال ذوي الشاخوري ومشيعيه إلى مثواه الأخير. ولن تتسبب بهذه الفوضى التي باتت اليوم تعمُّ سكنة هذه البلاد والتي لم تكن تعرف لغة الرصاص قبل مدة.

إذا ما سمحنا لثقافة «الرصاص» بأن تغزونا، فسيكون حينها لنا أن ندخل بالبحرينيين في نفق جديد من الظلمة، وستكون ضريبة هذا النفق مرتفعة. ومن هنا، لابد ألا نترك في البحرين... قاتلا يتمشى بحرية!