العدد 1677 - الإثنين 09 أبريل 2007م الموافق 21 ربيع الاول 1428هـ

«الريحة فاحت»... ومازالوا غافلين!

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

«تقدم أحد الشباب لخطبة أختي الكبرى، لكن أبي رفضه بحجة أنه دائما ما يجلس في الحوطة ويربي خيول»... جملة سمعتها من إحدى صديقاتي منذ كنا في المرحلة الإعدادية تقريبا. لم أفهم حينها المغزى الحقيقي من وراء الرفض، وربما استنكرت على والد صديقتي رفضه لـ «طالب القرب» ذاك لمجرد أنه يربي «خيول»، إذ ما العيب في ذلك؟ وهل الفروسية حرام؟

بمرور الوقت، بدأت ألتمس العذر لوالد صديقتي، بعدما سمعت الكثير مما لا يذكر عما يجري في «الحوط»، وهي المزارع الصغيرة التي في الغالب ما تحوي حظيرة أو إسطبل خيول، أو قد تكون مجرد أرض بور مسورة ومهجورة... وجاء حادث اختطاف طفلين من المحرق وحبسهما في إحدى «الحوط» في منطقة البلاد القديم، في محاولة للاعتداء عليهما جنسيا ومن ثم قتلهما، ليؤكد نظرة غالبية المواطنين - إن لم يكن جميعهم - فيمن يرتاد تلك «الحوط»... ولكن السؤال الذي ما فارق ذهني منذ قرأت عن ذلك الحادث هو: كيف تكون «الحوط» ذات صيت سيئ منذ زمان بعيد، ويسير نحو مزيد من السوء، ومازالت الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، غافلة عنها، ولم تتخذ إلى اليوم أي إجراء يحد من انتشارها، وخصوصا أنها باتت وكرا للفساد والممارسات اللاأخلاقية والمخدرات والدعارة... إلخ؟!

إن كانت تلك «الحوط» ملكا خاصا، فلم لا يحاسب صاحب الملك ذاك على كل ممارسة لاأخلاقية تجري في «حوطته»... ومن جانب آخر لم لا تسعى الدولة إلى تملك تلك الأراضي واستغلالها في إنشاء مشروعات إسكانية يستفيد منها المواطنون الذين مابرحوا يطالبون ببيوت يستقرون فيها، وخصوصا أن الكثافة السكانية في ازدياد ويقابلها شح في الأراضي وغلاء لم نشهد له مثيلا؟!... مجرد اقتراح.

من جانب آخر، قضية «الحوط» تلك تفتح الباب أمام قضية الفراغ الذي يعيشه الشباب... فلا أماكن ترفيهية، ولا نواد بالمستوى الذي يجد فيه الشباب ضالتهم فيشبعون فيها مواهبهم وينمونها، ولا برامج وفعاليات تجذب شباب اليوم (جيل الفضائيات والانترنت والحاسوب) بحيث تحترم عقليته وتفكيره... فأين يقضي الشباب أوقات فراغهم إذا كانت كل الوسائل المشروعة «محظورة»، وفي المقابل تجد المقاهي حيث «الشيشة» والدخان، والصالات والمراقص، وأخيرا وليس آخرا «الحوط»، مشرعة أبوابها للجميع تحتضن الصغير والكبير بلا رقيب أو حسيب!

هل يحق لنا أن نلوم الشباب إذا؟! أعتقد أن اللوم كله يقع علينا نحن (الأسرة، المجتمع، المؤسسات المدنية، الوزارات، الدولة ككل).

وبما أننا دائما ما ننتظر «وقوع الفأس في الرأس» لكي نصحو من سباتنا العميق، ونتحرك ولو بشكل خجول للحفاظ على ماء وجوهنا، نقول: أبعد حادث اختطاف الطفلين من مجال لمواصلة غفوتنا (تغافلنا) عن «الحوط» وما يجري في «الحوط»؟!... أرجوكم احفظوا ماء وجوهنا أمام أنفسنا أولا، وأمام الزوار والسواح الذين من المفترض أن يزداد عددهم مع انطلاق (الفورمولا -1)... فـ «ريحتنا فاحت».

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1677 - الإثنين 09 أبريل 2007م الموافق 21 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً