العدد 1677 - الإثنين 09 أبريل 2007م الموافق 21 ربيع الاول 1428هـ

البعد الاقتصادي المعرفي في كتابات المرنيسي (2/2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تدخل المرنيسي في لب الموضوع على نحو جريء ومباشر، من خلال تناولها لموضوع العمال في الاقتصاد المعرفي، عن طريق المقارنة فنجدها تقول: «تجدر المقارنة بين اليد العاملة التي «يمكن تأهيلها» وبين اليد العاملة في البلدان التي تجتذب بقوة الشركات المتعددة الجنسيات، مثل سنغافورة أو كوريا، حتى نفهم الهوة القائمة بينهما والجهود التي يجب الشروع بها لردم هذه الهوة. وهذا هو سرّ نجاحه. كما أن العبرة التي يجب استخلاصها من تجربة سنغافورة هي عدم الانصياع ببلاهة للمصلحة المباشرة للشركات المتعددة الجنسيات القائمة على إيجاد عمال دون تخصص».

وتنتقل من ذلك إلى التعليم فنجدها تتحدث عن التجربة السنغافورية في هذا المجال بالقول لقد «أولت سنغافورة أهمية كبرى لتطوير التعليم الابتدائي والثانوي ثم للتكوين المهني والتقني المتخصص في الستينات. وبلغ عدد سكان سنغافورة العام 1984، 2.531.000 نسمة وقدر سكان المغرب للعام نفسه بـ 21.433.000 نسمة. ووصلت نسبة الأميين بين السكان الذين هم في سن الخامسة عشرة ومافوق إلى12 في المئة في سنغافورة العام 1980 وإلى 65 في المئة في المغرب العام 1982.

ولتأكيد مقولتها بشأن تخلف العرب المعرفي، تستشهد المريسي بمقولة أستاذ في القسم العربي في «جامعة الدراسات الأجنبية في طوكيو ومفكر ياباني مطلع على العالم العربي وهو يترجم الرواية إلى اللغة اليابانية» نوثاهارا إذ يقول لها: «أقمت في القاهرة لمدة سنتين. أشعر أن العرب لا يستخلصون العبر من تاريخهم الحديث ولا يستخلصون العبر من هزائمهم. لقد جعلت منا أميركا بلدا متسولين العام 1942. لكننا أتخذنا القرار بأن نفهم لنبني، نفهم ماذا يجري في العالم لنتمكن من بناء مجتمع ياباني لا يمكن الهيمنة عليه»، اعتقد أنه علينا تعلم الكثير من اليابانيين وتجربتهم.»

ومن مقولة نوثاهارا تنطلق المرنيسي نحو طوكيو لتصف وضع المرأة اليابانية في نطاق اقتصاد اليابان المعرفي فنجدها تقول إن «النساء اليابانيات هنّ من بين أكثر النساء ثقافة في العالم ومهامهن متعددة، إذ لا يقتصر اهتمامهنّ فقط على الأولاد وتنظيف البيت إنما يساهمن من بيوتهنّ في صناعات مثل: النسيج والإلكترونيات. (وتستنتج أن) النتيجة التي تترتب على هذا الترويض الجذري هي أن الياباني الصغير ليس طفلا كأطفالنا، فأمه والقيّمون على تربيته يسكنهم هاجس واحد وهو أن يجعلوا منه لاعب أرقام وعمليات حسابية، الشيء الذي يفسّر أن 75 في المئة من الشباب اليابانيين يردون بشكل صحيح على أسئلة الرياضيات مقابل 48 في المئة من الولايات المتحدة و36 في المئة في فرنسا. وتأتي اليابان في المقدمة بالنسبة إلى عدد البحاثة والمهندسين بين السكان العاملين: 7 في المئة أي ضعف فرنسا.

وتدحض المرنيسي ما يروجه الغرب بأن اليابان بلد تقليدي، وترى أنه فيما يخص «التحصيل العلمي للنساء والرجال، تملك اليابان «تقاليد معرفية» مختلفة عن تقاليدنا. تقاليد العلم عندهم تمارين يومية يجريها الكبار والصغار ويجب البحث عن أصولها في فهمهم للدين نفسه».

وتعتقد المرنيسي أن هناك ثورة قد «حصلت في العادات وفي الهوية الجنسية كبيرة إذ إن المدن المعروفة بتقليديتها وقلّة تأثرها بالانقلابات الذهنية، تجاوبت بالطريق نفسها. في المدن التقليدية نسبيا مثل: مراكش أو وجدة أو في المدن الوسطى التي يعرف عنها تطورها البطيء حيال التغيّرات في الأدوارالجنسية، فتيات كثيرات أتين للتسجيل ما أن فتحت معاهد التكنولوجيا التطبيقية ومراكز التخصص المهني أبوابها. وفي الفروع المعتبرة ذكورية مثل: كهرباء وصيانة صناعية أو ميكانيك سيارات وزراعة أو أسمنت مسلّح».

وتطلب المرنيسي من قارئها أنه لكي يفهم «هذه الوثبة باتجاه الفروع التكنولوجية، يجب أن نتذكر ليس فقط ضآلة الخيارات التي كانت تمنح للفتيات سابقا بل أيضا الأمر التالي وهو مستقبل الفتاة الاقتصادي أكثر غموضا من مستقبل أخيها».

وتخلص المرنيسي في نهاية كتابها بما يشبه الحكمة التي تقول: «ليس بحاجة إلى خاتم الحكمة لأن القوة التي يحتويها موجودة في عقلي شرط أن أنميه بالثقافة والمعرفة!»

وبالإضافة إلى الإحصاءات الدقيقة التي أوردتها المرنيسي في كتابها هناك الأسلوب الرشيق الذي يشد القارئ ؛الأمر الذي يجعل من الكتاب رحلة ممتعة في عالم المرأة من دون حصرها في النطاق الأنثوي الذي حاول الكثير من قرائها أسرها به.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1677 - الإثنين 09 أبريل 2007م الموافق 21 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً