الكتاب الذي نحن بصدد تناوله هو: «شهرزاد ليست مغربية» لمؤلفته فاطمة المرنيسي، ومن ترجمة ماري طوق. في طبعته الثانية التي صدرت في العام 2003.
وفاطمة المرنيسي التي عادت من الولايات المتحدة حاملة معها رسالة دكتوراه لم تكف كما قال عنها، الناقد والأكاديمي العراقي عبدالله ابراهيم: «عن العمل المضني والمتواصل الذي تمثله الكيفية التي قام بها الخطاب في تمثيل عالم المرأة الإسلامية أولا، والعربية ثانيا، والمغربية أخيرا، والواقع فإن عملها يتوزع بين بحث استقصائي منهجي محكم خاص بصورة المرأة في التاريخ، وفي هذا تظهر مهارة في استخلاص عناصر موضوعها، وتعبيرا تمثيليا ذاتيا عن صورتها كأنثى في مجتمع تقليدي، ويشتبك كل من البحث والتمثيل معا بهدف تعويم صورة مختبئة في ثنايا التاريخ من جهة والواقع من جهة أخرى».
وهي ذاتها التي قال عنها فريد الزاهي حين تناول كتابها الأول «الجنس والإيديولوجيا والإسلام» في الثمانينات، في صحيفة الحياة، أنها «كانت ترتسم معالم كتابة من نوع خاص، تمارس مقاربات علم الاجتماع والأنثربولوجيا الثقافية، والتحليل السياسي والدراسة التاريخية التراثية. وتبني حججها على أصول التصور التاريخية لتصوغ تصورا معاصرا يكاد يكون حيا عن وضعية النساء في مجتمعاتنا المعاصرة. لذلك لا يجد المرء عند قراءتها أي انفصام بين حديثها عن المجتمع العربي المعاصر وعن التاريخ، سواء عبر المقارنة الساخرة أحيانا أو عبر استحضار التجربة الشخصية باعتبارها أيضا تاريخا حديثا».
ولم يختلف عنهما إدريس ولد القابلة، وهو كاتب و صحافي مغربي، وباحث في مجال السياسة والتنمية المحلية والبيئة وحقوق الإنسان، حين تناول مجموعة من مؤلفات فاطمة المرنيسي مثل: « شهرزاد ليست مغربية « و»سلطانات منسيات» و»هل أنتم محصنون ضد الحريم»، و»الجنس والإيديولوجيا والإسلام» و» نساء على أجنحة الحلم». فحين تناول هذا الكتاب اعتبره «كشف عبر النسق الثقافي السائد في العالم النسوي منذ الأربعينات مع رصد التحوّلات بفعل المؤثرات الخارجية إلا أن فاطمة نفسها أكدت أن هذا الكتاب ليس بسيرة ذاتية، وإنما هو تجميع لأحداث متخيّلة على شكل حكايات تروى لطفلة صغيرة السن... و تشريحا مشرطيا للعالم الذي تعيش فيه المرأة العربية عموما، وهو عالم مطبوع بسيادة المجتمع الذكوري المعتمد على إقصاء المرأة المعتبرة كعورة وقاصرة ومبتورة، إلا أنها مثيرة للشبق».
حتى ناشر كتابها «هل أنتم محصنون ضد النساء؟» وهو المركز الثقافي العربي - لبنان، لم يخرج من تلك الدائرة الضيّقة التي وضع الجميع فاطمة المرنيسي فيها، وتلك هي موضوعات المرأة وحال القهر والاستلاب التي تعيشها في البلاد العربية. لذلك نجد غلاف الكتاب يقول: «قد يعذر الرجل الجاهل الذي يحلم بالحصول على جارية، أو امتلاك أمة تعنى بماشيته. أما الرجل الحائز شهادة جامعية، والذي يملك حسابا مصرفيا ويستعمل حاسوبا ويحلم بشراء هاتف خليوي والذي تساوره الرغبة في رؤية شريكة حياته أو زميلته، الموظفة أو المحامية أو الأستاذة الجامعية مثله، تخدمه كالجارية والمحظية والغيشا، فيجب أن يعتبر نفسه حريمي المصل، والأجدر به أن يراقب نفسه عن كثب».
هذه الدائرة الأنثوية على أهميتها، ورغم الأولوية التي تعطيها إياها فاطمة المرنيسي في كتاباتها، لكنها تصبح في غاية الضيق عندما نقرأ كتاب «شهرزاد ليست مغربية» في هذا الكتاب نكتشف بعدا جديدا هو بعد الاقتصاد المعرفي الذي تحاول أن تسلط المرنيسي الأضواء عليه، لكنها تلجه من الزاوية النسائية، إن جاز لنا القول.
ولذلك نجدها في مطلع الكتاب تصدم القارئ بفقرة جريئة تقول فيها: «هذا العالم العربي لايمكنه أن يوجد إلاّ إذا كان المربّي الأساسي للعقل شريكا هو نفسه لهذه المعرفة التكنولوجية الحديثة. وهذا المربّي الأساسي هو المرأة بوصفها أما تزوّد الطفل في السنوات الخمس الأولى المعرفة التي تمتلكها».
وتتبع ذلك بفقرة اقتصادية معرفية أكثر جرأة تقول فيها: «لن تكونوا جبابرة يا سادتي في عالم معاصر تشكّل فيه المعرفة المعمََّمة والمدقرطة السلاح والذخيرة. لن تكونوا أبدا إلاَ متخلفين غرباء في عالم المعلومات عبر الفضاء، مادامت أمهاتكم وأخواتكم ونساؤكم وسكرتيراتكم وخادماتكم وعاملاتكم أميات».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1676 - الأحد 08 أبريل 2007م الموافق 20 ربيع الاول 1428هـ