غزت المرأة العربية في وقتنا الحالي مجال الإخراج السينمائي وهو مجال لا يختلف كثيرا عن الكتابة والرسم فهو يعد متنفسا للتعبير والنقد بل وشكلا آخر من أشكال الإبداع التي اقتحمتها المرأة العربية وذلك لتعبر من خلالها نظرتها إزاء الأمور والمتناقضات داخل مجتمعاتها بصورة كما يصفها النقاد السينمائيون العرب بأنها الأجرأ الآن مما قد يذهب إليه السينمائي الرجل في أفلامه من طرح ولاسيما ما يعرض في أفلام المهرجانات العالمية والتسجيلية منها.

إن السينمائية والصحافية والإعلامية من العربيات هن أقرب إلى بعضهن بعضا إذ تجمعهن خصلة واحدة ألا وهي الجرأة في العمل من حيث طرح قضايا قد يجد فيها الرجل حرجا في تناولها أو يقف عائقا لعرضها أمام الرأي العام لأسباب سلطوية نابعة من ترسبات إرث النظام الأبوي في المجتمعات العربية، وهو الأمر الذي تنقله صاحبات المهن الثلاث حتى بصدق أكبر في أحيان كثيرة من الرجل الذي غالبا ما يتستر على بعض جوانبها.

لن يكون الرجل وحده في ذلك بل قد تمتد آلة مقص الرقيب والوصاية على أداء عمل صاحبات تلك المهن الثلاث لتحديد ما يجب أن يعرض ويصور ويكتب... وقد تكون في عالمنا العربي أمثلة كثيرة منها فيما يعرف بوزارات الإعلام التي تلعب دور المقص والشرطي في آنٍ واحد.

إن جرأة المرأة العربية حاليا في كيفية تناول قضايا تعتبر شبه ممنوعة في المجتمع لم تنبع من فراغ أو تقليد أعمى للغرب بل جاء بشكل تدريجي سلس نتيجة للتطورات التي صاحبت المجتمعات العربية إلى انخراط المرأة الأم والزوجة والفتاة أكثر وأكثر في التعليم والعمل... فهي اليوم ليست في محل دفاع بقدر ما هي في محل هجوم ونقد على أوضاع لقضايا تخص واقعها المعاش.

ومثال على ذلك ما جاء في الفيلم الأخير للسينمائية التونسية المعروفة سلمى بكار في «خشخاش» والتي صورت عذاب امرأة مع قضايا حساسة وطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة... فهي استعرضت قضية عدم التكافؤ في بعض العلاقات الزوجية داخل المجتمع التونسي، بينما في فيلم «دنيا» للمخرجة اللبنانية جوسلين صعب أثير موضوع ختان المرأة في بعض البلدان العربية ومنها مصر التي مازالت تعتبر قضية حساسة داخل المجتمع المصري وعلى رغم أنه عرض في مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان روتردام الهولندي... هذه النماذج النسائية وغيرها تعبر عن صعود عناصر وأجيال تحمل توجها وأفقا مختلفا لقضاياها وواقعها مقارنة بمن سبقوهم... فهل يلتفت البعض لما قد تستطيع المرأة فعله في أيامنا هذه...؟