العدد 1674 - الجمعة 06 أبريل 2007م الموافق 18 ربيع الاول 1428هـ

نجاح الإسلاميين في المصارف

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يمكن تسجيل نجاح المصارف الإسلامية بصفتها أهم إنجاز للحركة الإسلامية الحديثة، وذلك بخلاف إخفاقات الإسلاميين في العمل السياسي على مستوى الدولة، وإخفاقهم إلى حد الآن في تحقيق إنجازات مميزة في أنشطة المجتمع المدني. ولقد بلغ نجاح الإسلاميين في «أسلمة» المصارف إلى إقبال المصارف الغربية الكبرى على افتتاح وحدات خاصة بالصيرفة الإسلامية، كما تم افتتاح مصرف إسلامي في بريطانيا، ودخل وزير الخزانة البريطاني غوردون براون (الذي سيصبح خلال أشهر رئيس وزراء بريطانيا) على خط الصيرفة الإسلامية. وكان براون أول وزير مالية غربي (دولي) يسهِّل على المصارف الإسلامية عملية الاقتراض؛ لبناء أو شراء سكن للأفراد (وسبق مصرف البحرين المركزي في هذا المجال بسنة أو سنتين).

براون لديه هدف آخر الآن، وهو اجتذاب المصارف الإسلامية إلى لندن وتوفير كل الخدمات التي تحتاج إليها، وهدفه من ذلك له عدة جوانب... فمن جانب سيتمكن من المحافظة على أصوات المسلمين البريطانيين الذين يبلغ عددهم 1.6 مليون نسمة، وهؤلاء عادة يصوِّتون لحزب العمال الذي سيتزعمه براون عندما يتسلم رئاسة الوزراء بعد تقاعد طوني بلير خلال أشهر... والمسلمون مستاءون من بلير؛ بسبب تحالفه مع الرئيس الأميركي جورج بوش في احتلال العراق، والانتخابات القادمة ليست بعيدة (بعد سنتين) وأصوات المسلمين مهمة في عدة دوائر انتخابية في بريطانيا، وعليه لابد من اجتذاب أصوات المسلمين والمحافظة عليها.

من جانب آخر، تمثل السيولة النقدية لدى المصارف الإسلامية فرصة مهمة لبريطانيا لاجتذاب المزيد من رؤوس الأموال، والوفرة المالية للمصارف الإسلامية يتم إنفاقها في المنطقة على المشروعات العقارية - السياحية، ولكن في بريطانيا بدأت هذه المصارف ذاتها الاستثمار في شركات إنتاج الطاقة والمياه وشركات التكنولوجيا وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي تحرك النمو في البلدان الغربية على المستوى البعيد. ولذلك، إن من الحكمة توفير التسهيلات للمصارف الإسلامية واجتذابها لاستثمار المزيد من أموالها في مثل هذه النشاطات الديناميكية (بدلا من دفنها في مشروعات عقارية في الخليج).

نجاح الإسلاميين في تطبيق الشريعة في المصارف، وحصولهم على هذا القبول والإقبال الدوليين يعود إلى أنهم اتخذوا نهجا مخالفا لما اتبعوه في العملين السياسي والاجتماعي. ففي العمل المصرفي، دخل الإسلاميون طرفا يقبل تعددية النظام المصرفي العالمي، واستطاعوا التعايش مع ما هو موجود والتفوق عليه في جوانب معينة وتثبيت إقدامهم بشكل راسخ ومتطور بحيث أصبح المصرفي الملتزم بالشريعة الإسلامية مطلوبا للعمل بأفضل العطاءات والظروف في العواصم المهمة.

أما على مستوى العمل السياسي - الاجتماعي، فقد استمد الإسلاميون المؤثرون في الساحة منذ منتصف القرن العشرين نهج التنظيم السياسي الايديولوجي الشمولي، كما كانت الحال في عهد ستالين في الاتحاد السوفياتي. وهذا الأنموذج لا يفسح المجال للتعددية والتعايش مع الآخر، وهو السبب في فشل الإسلاميين في تحقيق إنجاز كبير ومشهود له في هذا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1674 - الجمعة 06 أبريل 2007م الموافق 18 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً