ارتبط اسم الهند في أذهان العالم بالفقر. وكثيرا ما شاهدنا أو قرأنا ما يربط بين الفقر والهند، إلى درجة أصبحت فيها صورة الفقير الهندي علامة فارقة من مشاهد الفقر في العالم. لكن يبدو أن هذه الصورة في طريقها إلى الزوال. هذا ما عبرت عنه تصريحات خاصة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أدلى بها في مطلع هذا العام، وزير المال الهندي بالانيابان تشيدامبارام أكد فيها أن نسبة الفقر في بلاده تنخفض بسرعة وانه من الممكن الانتهاء من هذه الحال بحلول العام 2040.
وعزز تشيدامبارام تصريحاته بالقول «إن سبب انخفاض نسبة الفقر بهذه السرعة يعود إلى النمو الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، مشيرا إلى أن «الناس في الهند ستتوافر لهم المنازل والطعام والطبابة والتعليم»، مشيرا إلى أن «ذلك لا يعني أن حال الفقر انتهت لان 25 في المئة من الشعب الهندي أي أكثر من 250 مليون شخص لايزالون يعانون من الفقر ويعيشون بمدخول يقل عن دولار أميركي واحد يوميا». ولم يخفِ تشيدامبارام اعترافه بأن هذا التقدم لا ينفي اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء في الهند بسبب النمو السريع الذي تحققه البلاد، إلا أنه اعتبر أن حال الطبقات الأكثر فقرا تتحسن بعض الشيء. لم تأتِ تصريحات الوزير الهندي من الفراغ، فقد أصبحت الهند في الأعوام الأخيرة قوة اقتصادية عالمية تتمتع بنسبة نمو اقتصادي تقدر بـ 8 في المئة، وهي نسبة تقترب من تلك التي تحققها الصين. ومن مظاهر التحسن الملحوظ في المجالين الاقتصادي والاجتماعي في الهند، هو ارتفاع الدخل السنوي للفرد ليقترب من نحو 720 دولارا. وفاق نمو الاقتصاد الهندي التوقعات، إذ حقق خلال الأشهر الثلاثة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول من العام الماضي نموا بلغ 9.2 في المئة بفضل النمو القوي الذي حققه قطاع الخدمات بما فيها العقارات والاتصالات اللذان عرفا نموا بلغت نسبته 13.9 في المئة خلال الربع السنة الأخيرة بحسب منظمة الإحصاء المركزية. وجاء قطاع التصنيع في المرتبة الثانية بنمو 11.9 في المئة خلال الفترة نفسها. راجيف مالك، وهو خبير اقتصادي في مصرف جي بي مورغان يقول عن أداء الاقتصاد الهندي إنه كان «أفضل من التوقعات، والمفاجأة جاءت من قطاعي التصنيع و الخدمات». أما مدير المجلس الهندي للبحوث عن العلاقات الاقتصادية الدولية راجيف كومار فإنه يؤكد أن أداء الاقتصاد كان جيدا، ويضيف «أننا الآن على موقع قوي مع الاستهلاك القوي والطلب المتزايد على الاستثمار. وحصل الاقتصاد الهندي الزخم التي يحتاجه». وفي السياق ذاته يرى صندوق النقد الدولي أن الهند حققت نموا ممتازا وان أحد أولوياتها أن تمنع النشاط الزائد لأسواق الائتمان والأصول من التسبب في نمو محموم للاقتصاد. ويؤكد المجلس التنفيذي للصندوق في مراجعة دورية للمنظور الاقتصادي لشبه القارة الهندية «الحذر واجب إزاء أي مخاطر محتملة للنمو المحموم». ويضيف المجلس في بيان له صدر أخيرا أن نسب السعر إلى الإيرادات «مرتفعة حاليا بالمقارنة مع الدول الأخرى والماضي القريب للهند. وفي الوقت نفسه تواصل أسعار العقارات النمو بمعدل سريع في ظل الزيادة الكبيرة للائتمان». وتوقع صندوق النقد معدل نمو بنسبة 9 في المئة تقريبا في العام المالي 2006-2007، وعبر عن التأييد لسياسة البنك المركزي الهندي بالتشديد التدريجي للسياسة النقدية للحد من مخاطر التضخم. لكن الصندوق حذر من أن عجز الموازنة ومستويات الدين مازالت أعلى مما ينبغي. لقد غيرت الثورة العالمية في مجال خدمات تكنولوجيا المعلومات من ملامح الاقتصاد العالمي بما فيه الهند. وسرعت الاستثمارات التي ضختها الشركات المتعددة الجنسيات الكبيرة في الهند من وتيرة معدلات النمو الاقتصادي الإجمالي وساعدت على إحداث ازدهار يقوده الاستهلاك المحلي. واعتقد خبراء الاقتصاد في الماضي أن السلع وحدها قابلة للتبادل عبر الحدود بين الدول بينما يتعذر استيراد الخدمات ما يجعلها غير خاضعة للضغوطات المماثلة من المنافسة العالمية. ويمتلك قطاع تكنولوجيا المعلومات قدرات واضحة للإسهام في النمو الشامل ولتحقيق أهداف اقتصادية موسعة. غير أن شبكة الإنترنت غيرت كل شيء إذ أصبحت التجارة في الخدمات تشكل الآن أسرع قطاعات التجارة العالمية نموا.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1673 - الخميس 05 أبريل 2007م الموافق 17 ربيع الاول 1428هـ