العدد 2252 - الثلثاء 04 نوفمبر 2008م الموافق 05 ذي القعدة 1429هـ

العالم بانتظار الخاقان الجديد

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لن يعرف أحدٌ من سيكون سيد البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة، قبل الساعة السابعة من صباح اليوم، رغم تفوق الديمقراطي باراك أوباما على منافسه الجمهوري جون ماكين في 250 استطلاعا للرأي في الشهرين الماضين.

هذه الانتخابات ستكون تاريخية، سواء من حيث كلفتها الإجمالية (5.3 مليارات دولار)، أو طول معركتها (21 شهرا)، أو قبول المجتمع الأميركي الأبيض لترشّح أميركي أسود من أصول إفريقية لمنصب الرئيس، وهو المجتمع الديمقراطي الذي لطّخت تاريخه القريب الممارسات العنصرية والتمييز. والعامل الأخير هو الأهم والأعمق في إحداث التغيير الذي تطمح إليه أميركا للخروج من أزمتها العالمية، التي تسبّب فيها المحافظون الجدد بسياساتهم المتطرّفة الرعناء.

لن يمضي يومٌ واحدٌ حتى نعرف نتيجة الانتخابات، إلا إذا حدثت مفاجآت من قبيل تقارب الأصوات. ومع ذلك فالعالم كله ينتظر التغيير المقبل، وخصوصا مع فوز أوباما، فما فعله المحافظون الجدد أنهك العالم وأوصله إلى حافة المواجهات الساخنة في مساحاتٍ واسعةٍ من الأرض. ومن حسن حظّنا أننا نشهد اليوم انكفاء هذه السياسة، إلى درجة أن الرئيس بوش نفسه لم يعد يظهر في الأيام الأخيرة، ومحاولة المرشح الجمهوري النأي بنفسه عنه. بل إن مسئولا إعلاميا بالبيت الأبيض أوضح سبب بقاء بوش بعيدا عن الأضواء هذه الأيام، بقوله: «هناك شخصان يحاول كل منهما أن يصبح رئيسا، ونحن لا نريد أن نعقّد الأوضاع أكثر على أي منهما»! أمّا نائبه ديك تشيني، فحين أعلن دعمه لماكين، التقطها أوباما للتشهير بمنافسه كونه امتدادا لتلك السياسات الرعناء.

هذه الانتخابات، سيذكرها التاريخ بكلمةٍ واحدة: «التغيير». وهي الكلمة السحرية التي أحدثت هذه الحماسة في نفوس الأميركيين للمشاركة في التصويت، إذ يتوقع أن تسجّل نسبة إقبال قياسية تتجاوز نسبة العام 1960 التي لم تتعد الـ 36 في المئة. والتغيير إن عبّر عن نفسه بانتخاب أوباما، فسيمثّل نقلة مهمة ستفيد أميركا في تجاوز إرث الماضي العنصري البغيض، بما يشبه القطيعة.

قبل أسبوع فقط، أُعلن عن القبض على شابين أميركيين من الحركة النازية الجديدة، كانت تخطّط لاغتيال 130 شخصية سوداء تتوّجها بقتل أوباما، ولكم أن تتخيّلوا مستقبل الولايات المتحدة لو نجحت هذه المذبحة، ليس على نتائج الانتخابات الحالية، بل على مستقبلها وموقعها على خارطة السياسة الدولية.

الجمهوريون وفي بعض مراحل احتدام التنافس الحزبي، حاولوا اللعب بهذه الورقة القذرة مرارا، آخرها اتهام عمّة أوباما الكينية زيتونة اونيانجو، بمخالفة قوانين الهجرة، فأفحمهم بردّه: «إذا كانت خالفت القانون، فيجب تطبيق القانون»، وهكذا سارت قافلته دون اهتزاز.

نحن كشعوب عربية وإسلامية في هذه المنطقة، لا نعوّل كثيرا على نتائج الانتخابات الأميركية، إذ لن يفكّر أحدٌ في حلّ مشاكلنا النازفة مثل فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان. ولكن نأمل بسرعة إخراج بوش وأشباهه من البيت الأبيض، فقد جرّبنا القيادات اليمينية المتطرفة ثماني سنوات، فلم نرَ منها إلاّ الشر والحروب الصليبية المتنقلة.

نحن لا نعيش على الأوهام، فأوباما لن ينصفنا حتما، ولن ينهي عذابات اللاجئين الفلسطينيين ويعيدهم إلى ديارهم المقدسة... «ولكن بعض الشر أهون من بعض» كما قال الشاعر. فماكين في آخر خطبه كان يضرب بعنفٍ على الطاولة ويصيح: «إننا لا نخجل من تاريخنا، نحن من نصنع التاريخ»... وما أبشع التاريخ الذي يصنعه العتاة والمتعجرفون.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2252 - الثلثاء 04 نوفمبر 2008م الموافق 05 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً