العدد 2252 - الثلثاء 04 نوفمبر 2008م الموافق 05 ذي القعدة 1429هـ

وزارة البلديات والتغييرات المتعاقبة

حسن العالي comments [at] alwasatnews.com

تعتبر وزارة شئون البلديات من الوزارات الخدمية المهمة التي تتصل اتصالا مباشرا بالمواطنين وحاجاتهم وقد زادت أهميتها بعد تأسيس المجالس البلدية الحالية بموجب المرسوم 35 للعام 2001 الذي اعتبر وزارة البلديات جهة الاختصاص في التعاطي مع قرارات هذه المجالس المنتخبة.

بيد أن هذه الوزارة تصنف من الوزارات التي عادة ما تطالها التعديلات الوزارية والتي تصدر عن المرجعيات السياسية في البلاد وخصوصا التعديلات على التشكيلة الوزارية في السنوات الأخيرة .

وتعاقب على هذه الوزارة منذ الإصلاح السياسي في العام 2000 حتى 2008 خمسة وزراء للبلديات فقد عرفت الوزارة الوزير جواد العريض ثم محمد علي الستري ثم تلاه الوزيرعلي صالح الصالح وبعدها سلمت الوزارة للوزير منصور بن رجب الذي ما لبث أن غادرها ليتم توزير وكيل الوزارة جمعة الكعبي وزيرا للبلديات.

واللافت في هذا التعاقب الوزاري أن ثمة تقاربا زمنيا بين هؤلاء الوزراء في إدارة دفة الوزارة وغالبا ما تصل إلى حدود السنتين أو أكثر قليلا.

يمكن الإشارة أيضا إلى أن بعضا من هؤلاء الوزراء قد شهدت فترتهم بعض التوترات والتي كان لها تأثيرها على مستوى الأداء السياسي والخدمي وعدت عاملا من عوامل تغيير الوجوه لهذه الحقيبة الوزارية.

وبلمحة سريعة على تعاقب الوزراء نرى أن فترة الوزير الستري شهدت ثمة مناكفات بين الوزارة والمجالس البلدية التي تمسكت باختصاصاتها ودخلت مع الوزير في خلاف بشأن ممارسة الوزير لبعض صلاحياتها، ونذكر المجلس الأسبوعي للوزير في البلدية على سبيل المثال حيث شابه مخالفات تتعلق بتجاوز قرارات متخذة من قبل المجالس، وألقت هذه الحالة بثقلها على نمط العلاقة بين الأطراف وعلى شكل الإنجاز.

أما الوزير بن رجب فقد استطاع في بداية فترته أن يحوز على رضا البلديين ودعمهم لكن العسل لم يدم طويلا إذ بدأت أصوات ترتفع في بعض المجالس تعلن خلافها مع الوزير بشأن تأخير إقرار الموازنات والإهمال في الرد على قرارات المجالس البلدية وما زاد من تعقيد الموقف دخول كتل نيابية على الخط وقيامها باستجواب الوزير لما اعتبرته وجود مظاهر لفساد مالي واداري، ومنيت الوزارة بعد الاستجواب بخسائر فادحة شكلت إرباكا لخطط المشروعات وكانت سببا في توقف بعضها. في حين تعتبر الأوساط المتابعة لهذه الوزارة أن فترة الوزيرعلي صالح الصالح هي من أهدأ الفترات لوزارة البلديات إذ شهدت تناغما بين المجالس البلدية والكتل النيابية مع الوزارة ويرجع البعض هذا التناغم إلى شخص الوزير وقدرته في التعاطي السياسي وإجادته لفن التفاوض.

من المهم في السياق القائم على تعاقب وزراء البلديات الإشارة إلى بعض المظاهر التي يمكن أن تشكل ثقلا سياسيا أو ثقافيا قد تكون له تبعاته في المستقبل.

فالتشكيلة الوزارية في البحرين اعتادت على مراعاة التمثيل للمكونات الاجتماعية والثقافية بما يضمن تنوعا سياسيا ويحافظ على التوازنات الموجودة. وهو عرف بدأ في شكله متوارثا وهذا ما يلحظ في تعاقب أربع وزراء على البلديات من مكون اجتماعي وثقافي واحد في حين جاء التعديل الأخير مختلفا وقد تكون له دواعي ومسببات لكنها تبقى محل نقاشات متداولة في مخالفة تلك العادة وما المستجدات التي تقف وراء ذلك؟

ثمة سياق مهم يستدعي قراءته بدقة وخصوصا من قبل الكتل النيابية وأطياف العمل السياسي ويكمن في مدى توافر الرغبة لدى المرجعيات السياسية بالبلاد في الاستجابة لنتائج استجوابات النواب للوزراء في المرحلة السابقة وهل جاءت تلك الاستجابة متوازنة! ثمة من يقول إن تلك الاستجابة حمالة أوجه كونها تحمل عدة رسائل سياسية وينبغي قراءتها وفق التوازنات التي تحكم اللعبة السياسية سواء داخل البرلمان أو خارجه.

في السياق ذاته يمكن الإشارة أيضا إلى لجوء الحكومة في المرحلة الأخيرة إلى توزير وكلاء الوزارة وهو توجه جديد قلما كان متعارفا في التشكيلات السابقة فهل ثمة جديد في هذا التوزير؟ وهل تجربة وزارة المالية تعد مشجعة في هذا الاتجاه؟!

أيضا ثمة من يتساءل: لماذا لم تلجأ الحكومة إلى توزير شخصية لديها تمكنا من البلديين المنتخبين، وخصوصا أن منطقة الخليج شهدت تجربة من هذا القبيل حين وزرت دولة الكويت أحد أعضاء المجالس وزيرا للبلديات!

يبقى أن نقول إن الوزير الجديد جمعة الكعبي وهو (ابن الوزارة) معني هذه المرة بالوقوف مليَّا على هذه السياقات ومحاولة التواصل المستمر مع المرجعيات المتعددة في هذا المشهد المختلف، وصولا إلى ما ترغب إليه المجالس البلدية الطامحة إلى الإنجاز وإلى أداءٍ يكون مقنعا للكتل النيابية بما يحقق الاستقرار والثبات لهذه الوزارة المتحركة كما يطلب من الوزير الجديد الإصرار الشديد على حماية المال العام ومحاربة أوجه الفساد وتطوير الممارسة البلدية بما يخلق انفتاحات جديدة في الوزارة ينتج عنها المزيد من المشروعات الخدمية للمواطنين وتعزيز عمل المجالس البلدية التي هي محل تقدير في المنطقة العربية وصولا إلى تحقيق مفهوم الإدارة المحلية.

العدد 2252 - الثلثاء 04 نوفمبر 2008م الموافق 05 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً