«إعلان الرياض» الصادر عن القمة العربية في نهاية الشهر الماضي احتوى على الكثير من المبادئ السامية وحظي بدعم دولي وإقليمي وأهلي أكثر من البيانات السابقة، وجاء في أحد بنود الاعلان الدعوة الى نشر «ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح، ورفض كل أشكال الارهاب والغلو والتطرف، وجميع التوجهات العنصرية الإقصائية وحملات الكراهية والتشويه ومحاولات الشكيك في قيمنا الإنسانية والمساس بالمعتقدات والمقدسات الدينية، والتحذير من توظيف التعددية المذهبية والطائفية لأغراض سياسية تستهدف تجزئة الأمة وتقسيم دولها وشعبها وإشعال الفتن والصراعات الأهلية المدمرة».
ولايمكن لأي عاقل إلا أن يشيد بهذا الموقف المبدئي الصادر عن قادة الدول العربية، وأملنا ان تتم ترجمة هذه المبادئ على أرض الواقع، من قمة الهرم الى قاعدة المجتمع، وأن نلتف جميعنا على ما يساهم في تعزيز قوتنا واستقلالنا وكرامة شعوبنا.
لقد أدان بيان الرياض العنصرية والطائفية، وهما اتجاهان متداخلان ويعشعشان في منطقتنا بشكل مخيف، وحتى في بلدنا (البحرين) المعروفة بتعددها المذهبي والإثني أصبحنا نجد الابواق والجهات الطائفية تتمدد، حتى وصل الأمر الى ما يشبه «المأسسة»، وهو ما نشاهده حاليا في المحرق التي قرر بعض الأشخاص مخالفة الدستور والاتفاقات والأعراف الدولية الانسانية وأعلنوا (ونفذوا أيضا) منعا على فئة محددة من المواطنين تداول العقارات في المحرق، وهو قرار موجود على الأرض في مناطق أخرى من البلاد... ولكن الغريب في الفترة الأخيرة ان مثل هذه الممارسات العنصرية تم «مأسستها» علنا ومن دون الخشية من أي شيء، وكأننا نعيش فصلا عنصريا وطائفيا بشكل منهجي... هذا في الوقت الذي يدين فيه دستور مملكة البحرين هذه الإجراءات والممارسات، والبحرين كانت قد اعتمدت الاتفاق الدولي لمناهضة التمييز العنصري منذ 1991، فكيف نسمح بمثل هذه الاجراءات المقيتة بيننا؟ وكيف يسكت البرلمان عن هذا التجاوز الصارخ لدستور البلاد ؟
إن العنصرية كانت قد حرقت أوروبا (والعالم) حتى العام 1945، وبعد ذلك تأسست الأمم المتحدت وصدر الإعلان العالمي لحقوق الانسان في 1948 ومن ثم الاتفاقات الدولية المستمدة منه. ومنطقتنا تمر منذ سنوات بحالات من التمزيق الطائفي والعنصري، وهذا التمزيق يتم ترويجه باسم الدين وهو أخطر أساليب الترويج. فديننا الإسلامي أبعد الأديان عن العنصرية والشوفينية وكل أشكال الكراهية التي تدمر القيم الإنسانية. ان بلادنا استوعبت وتستوعب كل انواع التعددية، وما نحتاجه هو الإيمان بالتعايش السلمي المشترك، وأن نبعد عن أذهاننا التفوق الإثني او المذهبي الذي يخالف مبادئ ديننا، كما أشار إلى ذلك إعلان الرياض.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1669 - الأحد 01 أبريل 2007م الموافق 13 ربيع الاول 1428هـ