وضع يوم أمس حجر تذكاري في المقبرة المسيحية في شارع الزبارة (المنامة)، كما حضر وزير هندي احتفال الجالية الهندية في النادي الهندي بمناسبة الذكرى الأولى للحادث الأليم الذي وقع مساء 30 مارس/ آذار 2006 عندما انقلب بانوش «الدانة» الذي كان يحمل 135 راكبا، قضى منهم 58 شخصا غرقا... اهتزت البحرين العام الماضي لهذا الحادث الأليم، وزاد من الألم أن الذين ركبوا البانوش كانوا يحتفلون بإنجاز مراحل مهمة تتعلق بمشروع مركز البحرين العالمي للتجارة، ولكن اليوم المشئوم لم يفسح المجال للفرحة بشيء.
عام مضى، والقضية دخلت المحاكم، والاتهامات توزعت على جهات عدة، ومازالت المحكمة لم تنطق بحكم، وليس معروفا فيما إذا كانت ستصبح هناك محاسبة إلى جهات أخرى غير صاحب البانوش. فهناك الشركة السياحية التي تعاقدت مع الذين ركبوا البانوش، واللغط ازداد بشأن من قال إن البانوش لا يحتمل أكثر من 100 راكب، ومن أصر على تحميله أكثر من ذلك، وهل هناك أية جهة فنية محايدة لدينا في البحرين لفحص المنشآت والمركبات وكل ما يتعلق بالسلامة في مختلف المجالات، أم أن كل شيء متداخل في المسئوليات وأن تلك المسئوليات غير محددة وضائعة؟
الذين غرقوا في تلك الكارثة ذهبوا ضحية لأخطاء عدة، بعضها تتعلق بأشخاص وأخرى تتعلق بإجراءات، وفي كل الأحوال فإننا نجد أنفسنا عاجزين عن توفير سياحة بحرية آمنة ومربحة في الوقت ذاته. فقبل تلك الكارثة، كان أحد المواطنين السعوديين قد اتصل بـ «الوسط» يشتكي حاله وحال عائلته وما لاقاه من رحلة بحرية كانت تقله من جزر حوار إلى الجزيرة الأم، وكيف أن القدر أنقذهم من الغرق، إذ لم تكن هناك أية إجراءات سلامة، ولم يكن الطاقم مدربا على التعامل مع أبسط تقلبات الأمواج خصوصا عندما يكون هناك أطفال وعوائل.
الحوادث المؤسفة تحدث هنا وهناك، ولكن المهم أن نتعلم منها، وأن نطور التسهيلات أو الخدمات بما يكفل الأمن والسلامة... فالبحرين من المفترض أنها مجموعة جزر، وهي في الواقع جزيرة واحدة مغلقة السواحل، وليس فيها أية خدمات تربطنا بجزر نسمع عنها، والبعض يتحدث عن أن لدينا جزرا تنافس في جمالها ما لدى أية دولة أخرى في المنطقة، ولكن لم يرها أحد من المواطنين أبدا، فبلادنا يبدو أنها صممت على أساس مفهوم «القلعة المحرمة» المحاطة بالأسوار المغلقة، وهذا المفهوم انعكس على انعدام الخدمات البحرية التي لا نراها، بل إن كثيرا منا يفاجأ عندما يزور بلدا آخر بأن هناك سفنا جميلة يمكن رؤيتها، ويمكن رؤية السيارات تركب فيها وتنزل منها، ويمكن رؤية حركة مفعمة بالحيوية والأمن والسلامة.
مأساة «بانوش الدانة» طلت علينا لتذكرنا بكثير من الآلام التي ارتبطت بفقدان أناس كانوا قد خرجوا للفرح ولكنهم غرقوا في البحر، وتذكرنا بأننا في البحرين أبعد ما نكون عن ثقافة البحر وسلامة النقل البحري، وأبعد ما نكون من رؤية جزرنا التي نقرأ عنها في الكتب المدرسية ولا نهتم بالبحر إلا إذا حدثت كارثة كالتي أرعبتنا العام الماضي.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1667 - الجمعة 30 مارس 2007م الموافق 11 ربيع الاول 1428هـ