العدد 1666 - الخميس 29 مارس 2007م الموافق 10 ربيع الاول 1428هـ

حتى نتجنب «نحن ضدهم»... دعوة لإعادة كتابة التاريخ

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

في العام 1453 احتلت الجيوش العثمانية بقيادة السلطان محمد الثاني المدينة البيزنطية (قسطنطينية) والتي تسمى اليوم باسطنبول وغيروا المنطقة إلى الأبد.

اسأل طالب تاريخ يوناني وستسمع منه عن الحدث المؤلم الذي سقطت فيه المدينة المسيحية العظيمة، واسأل تركيّا وستسمع منه عن الفتح المجيد لإعلاء إمبراطورية الإسلام.

وفي هذه المنطقة التي لاتزال هشة، يستخدم التاريخ على انه قصة قومية تقوم بالتركيز على الأخطاء التي ارتكبها الآخرون. والآن تحاول مجموعة من المؤرخين عبر المنطقة تغيير الطريقة التي يتم تعليم الماضي فيها في أوروبا الجنوب شرقية - من كرواتيا إلى تركيا - في محاولة لتشجيع المصالحة بدلا من الانقسام.

«يلعب التاريخ دورا مهما في تشكيل الهوية الوطنية»، تقول كريستيانا كولوري محررة مجموعة من كتب التاريخ الحديث وبروفيسور في جامعة Peloponnese في اليونان: «نريد أن نغير تدريس التاريخ لأننا قلقون من المستقبل المشترك للبلقان ونعتقد أن فهما متبادلا يمكن تعزيزه من خلال تدريس أفضل للتاريخ».

أكثر من 60 عالما ومعلما من مناطق حول البلقان شاركوا لخلق مجموعة جديدة من كتب التاريخ التي تعالج بعض المراحل الأكثر جدلية في المنطقة. وهذه الكتب التي تتم ترجمتها إلى 10 لغات إقليمية تعرض تاريخا من وجهات نظر مختلفة وتقتبس من وثائق تاريخية لتتحدى ترجمات لحوادث مهمة مثل فتح العثمانيين للقسطنطينية.

وتقول كولوري إن معظم الطلاب يعرفون القليل عن جيرانهم على رغم تاريخ المنطقة المتداخل والشباب الموجود من معظم الدول حاليا فيها. وتستخدم المدارس كتب الحكومة التقليدية والتي تظهر فيها الحروب - وقد كان هناك عدد من الحروب في المنطقة عبر القرون - مرسومة باستخدام مفردات «نحن، ضدهم» مع تكرار الأخطاء التاريخية القديمة مرارا وتكرارا.

ومشروع التاريخ المشترك والذي يديره مكتب في اليونان لمركز Democracy and Reconciliation in Southeast Europe قام بترجمة الكتب إلى: اليونانية، الصربية، والألبانية وبدأ بتدريب المعلمين على كيفية استخدام هذه الكتب.

دوبرافكا ستوجانوفيتش وهو بروفيسور في التاريخ في جامعة بلغراد شهد بداية كيف يستخدم التاريخ لأغراض سياسية. فقد تم تغيير الكتب في زمان حكم سلوبودان ميلوزوفيتش العام 1993 خلال حرب البوسنة.

«كان الهدف من تغيير الكتب هو إظهار أن الناس الذين كانوا في ما قبل يوغوسلافيا عاشوا في صراعات دائمة منذ القرن الثاني عشر أو مشابه». وقالت: «إن النية كانت إظهار أن الحرب كانت شيئا طبيعيا وانه كان وضعا طبيعيا أن يكره الصرب والكروات بعضهم بعضا.

حاليا يقول ستوجانوفيتش، وهو محرر الكتب الصربية وساعد في تنظيم بعض الجهود الأولى في تدريب المعلمين في صربيا: إن الكتب تم تغييرها مرة أخرى لذم الشيوعيين هذه المرة.

الحكومة الصربية دعمت كتب الـ CDRSEE ووزير التربية كان موجودا عند إطلاق الكتب للمرة الأولى. ولكن بعد أن اتهم النقاد الكتب - ومحرريهم - بأنهم معادون للصربية تراجعت الحكومة عن دعمها.

ينتظر ستوجانوفيتش وغيره الآن أن يروا ما الذي سيحدث عندما يتم تشكيل حكومة جديدة وهي العملية التي تم تأجيلها، إذ إن الأحزاب السياسية تتفاوض بشأن التحالفات الجديدة عقب الانتخابات الأخيرة.

لا يقتصر العمل لمنظمي المشروع على وضع كتب أفضل في أيدي المعلمين. بل يتطلب ذلك منهم أن يبدأوا التعليم بطريقة جديدة ومختلفة كليا.

يتم تدريس التاريخ عبر معظم أجزاء المنطقة بشكل واسع على انه سلسلة من الحقائق يتوجب على الطلاب أن يحفظوها ويعيدوها. وإن مشروع التاريخ المشترك يهدف إلى جعل الطلاب يحللون الماضي بأنفسهم. مع تركيزهم على التاريخ الاجتماعي والثقافي، وهو يحاول أن يضيف صبغة إنسانية على المجموعات التي اعتبرت عادة أعداء.

«نود أيضا ان نضمن الأطفال والنساء في التاريخ وليس فقط الجنود والسياسيين والرجال الكبار»، تضيف كولوري «نحاول أن نبين أن هذه التجارب ليست حكرا على أمة واحدة».

ليس الجميع مستعدين للاستماع لهذا التوجه. في اليونان يحتدم جدل الآن بشأن كتاب تاريخ جديد للأطفال بعمر 12 عاما، إذ تتهمه بعض المجموعات بأنه يخفف من وطأة وحشية الإمبراطورية العثمانية. وإن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية القوية والمجموعات القومية تريد أن يتم سحب الكتاب وتقول إن كتب الـ CDRSEE التي تمت الموافقة عليها ولكنها لم تصبح بعد منهاجا رسميا - تعتبر مذنبة بالخطايا نفسها.

وإن أحد أكبر العوائق التي تواجه المشروع هو إيجاد دعم لتتمة ترجمة الكتب إلى لغات المنطقة المتبقية وتوفير تدريب كاف عليها. مديرة الـ CDRSEE نيناد سيبيك تتوقع أنها بحاجة إلى مليون دولار إضافية للتمويل. وهي تقول إن الممولين بدأوا يفقدون الاهتمام بالمنطقة على رغم أن الكثير من صراعاتها لاتزال مضطربة: قبرص لاتزال منقسمة، مصير كوسوفو النهائي لايزال مجهولا، والتوترات لاتزال تشتعل بين اليونان وتركيا واللتين هما عضوتان في حلف الناتو ولكنهما تشتركان في حدود برية ملغمة.

وقالت: «إن المصلحة الدولية وخصوصا المصلحة الأميركية تغيرت»، فإنه من المبكر جدا للممولين أن ينسحبوا... فكل ما تحتاجه هو أن تنظر إلى كوسوفو أو حتى البوسنة.

*مراسلة لـ «Christian Science Monitor correspondent»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1666 - الخميس 29 مارس 2007م الموافق 10 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً