في أحد برامج أوبرا التلفزيونية، قامت بعرض حالتين لمراسلين إخباريين للصحف الأميركية، أحدهما توفي والآخر نجا من الموت بأعجوبة بعد دخوله في غيبوبة لمدة 45 يوما وعاد بعدها سليما إلى الحياة!
قامت بتحليل تام وكامل لكل الظروف العائلية في تلك الفترة وكمية المعاناة والحزن الشديد وعن تأثيراته السلبية الرهيبة على العائلة والأطفال جراء فقدان الآباء! أو غربة الأبناء في سفرهم وبعدهم!
هذا على رغم الدعم المادي المرفه طبعا لمثل تلك الأسر من الدولة وبذخ العلاج في كل نواحيه وما ينتظر العائلة من تعويضات مادية وترفيهية ونفسية... إلخ.
كل هذا ولم تحاول أوبرا الاقتراب ولو قليلا من مشاعرهم وهم في العراق... ومدى أحقية هذه الحرب وهل هم شعروا بأنهم المعتدون ولم تتعرض للناحية السياسية وعن كيفية قبول واقتناع الأميركي للمشاركة في هذه الحرب الظالمة والهمجية! وكأن العائلة كانت مقتنعة تماما بأن ما يقومون به هو واجب وطني بأنهم ذهبوا إلى محاربة الإرهاب حقيقة!
هذا على رغم أن عدد القتلى الأميركان لا يتجاوز الـ 1 في المئة من عدد العراقيين الذين قتلوا واستشهدوا بالإضافة إلى تدمير بلاد بأكملها وتهجير ذلك الشعب البريء من مكانه وحياته. وتستمر المأساة وتطول المعاناة وكأنها بؤس فظيع لا ينتهي!
والعالم أصبح في غيبوبة والقتل والتدمير مستمر ضمن خطة همجية متكاملة على رغم ذلك كله لم تبرز معاناته وخسائره على العالم بالشكل اللائق الذي يستحقه، ولم يتمكن الإعلام العربي على رغم ثرواته من أن تكون له ولو محطة واحدة تقوم بتحليل ما يحدث من قتل وخطف العلماء مثلا أو التركيز على النواحي النفسية المدمرة التي وصل إليها هذا الشعب وكيف أنه على رغم ثرواته ازداد فقرا وتشردا! وتفتيتا. إن الجهد الإعلامي عندنا فقير وضعيف جدا ومأساة حقيقية!
ومازالت الفضائيات تدغدغ الأخبار السياسية المهمة ولا تفرق بينها ولا تعرف كيف تؤثر في المشاهدين في أنحاء العالم كي يتوقف ذلك النزيف من القتل والتشويه والتدمير لبلادنا العزيزة وتقدير الخسائر البشرية والمادية وتعرضهم لجميع الضغوط بالكاد يذكر وتوصف معاناته للعالم!
إن السياسيين الأميركان جاؤوا لينهبوا الديار ويمتصوا دماء رجالاتنا البواسل... وأذلوا شعبا وقهروه بوسائلهم المنحطة والدنيئة في استغلال ثرواته... ومازالوا يمجدون أبطالهم في المحطات!
أما نحن فمازلنا ضعافا خائفين ومشتتين لا نتفق على كلمة وجنودنا الإعلاميون لا يعرفون كيف يبرزون قضايانا مع الأسف الشديد في التركيز... وهم يتحركون في حدود دنيا ولا طائل لهم من الخبرات الأجنبية كي يستفيدوا منها ويمارسوها في تحقيق مآرب واكتساب نقاط إيجابية تعود على شعوبهم مع أنها جميعها في متناول أيديهم وأبصارهم والانترنت مفتوح أمامهم على مصارعيه لتعلم جلب الأخبار وتحليلها وتطبيقها لرفع مستوى شعوبهم في الأداء الإعلامي المميز... علنا نحتاج إلى المزيد من الجهود المكثفة والضغوط للإصرار على المواقف الحياتية المشرفة.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1665 - الأربعاء 28 مارس 2007م الموافق 09 ربيع الاول 1428هـ