بينما تجمع القادة العرب في قمة الرياض بدأ الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي زيارة إلى مصر، والتقى أمس الاول الرئيس المصري حسني مبارك وذلك قبيل مشاركته في أعمال مؤتمر ينظمه المجلس المصري الأعلى للشئون الإسلامية، بالإضافة إلى إلقاء محاضرة أمس في مكتبة الأسكندرية عن حوار الحضارات بصفته رئيسا لمنظمة الحوار بين الحضارات. وبحسب أحد الحضور الذي كتب جانبا مما دار في ندوة الأمس على مجموعة الكترونية متخصصة في الشأن الخليجي، فإن خاتمي تحدث باللغة العربية، ومن ثم أثناء السؤال والجواب احتاج إلى الترجمة بين العربية والفارسية، وحث على أهمية اعتماد الحوار والابتعاد عن التطرف، واتخاذ الدين منطلقا للتحرك المتطرف الذي يمنع التفكير المتطلع إلى المستقبل، داعيا في الوقت ذاته إلى تفعيل دور المرأة والشباب.
وحث أثناء كلمته على تحسين العلاقات بين مصر وايران من خلال الزيارات المتبادلة والدراسات المشتركة وصولا إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، معترفا بأنه كان يسعى إلى ذلك أثناء فترة رئاسته ولكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك. وتحدث عن الفتنة الطائفية التي تستعر في المنطقة داعيا إلى الوحدة وعدم اتخاذ خلافات تاريخية منطلقا الى الاختلافات في الوقت الحاضر. وبحسب ما نشر عن الندوة، فإن أحد الحاضرين سأل خاتمي أي المناصب التي تسلمتها أحب إلى قلبك (رئيس جمهورية، أستاذ جامعي، رئيس منظمة للحوار بين الحضارات) وكان جوابه بانه يحب أن يرى نفسه «تلميذا» يسعى إلى طلب العلم وأن أحب شيء إلى قلبه معرفة الحقيقة. كما أجاب على سيدة أميركية، معقبا بأنه زار الولايات المتحدة الأميركية ويحمل مشاعر حميمة تجاه الشعب الاميركي وانه يسعى لفتح قنوات الحوار.
ولعل المقارنة بين خطاب الرئيس الإيراني السابق بخطاب الرئيس الإيراني الحالي ليست المجال الذي وددت التطرق، ولكن من دون شك، فإن خطاب خاتمي هو ما نفتقده في ظل الظروف المتوترة من كل جانب. فمنطقتنا التي تحتوي على ثلث احتياطي العالم من النفط، ومضيق هرمز (الضيق والذي لايتعدى مسار السفن فيه 4 اإلى 5 كيلومترات من ناحية العرض المتوافر للملاحة) يتدفق منه أكثر من 17 مليون برميل نفطيا، وتوجد بالقرب منا حاملتا طائرات أميركية ضخمة تجري حاليا مناورات كبيرة، بينما يستعر الاقتتال في العراق، وتتوتر العلاقات بين إيران وأميركا، وتزداد توترا بعد احتجاز 15 بحارا بريطانيا في شط العرب... ويصدر مجلس الامن قرارا بمزيد من العقوبات على إيران، والمنطقة جميعها تمر بمرحلة صعبة، كما هي العادة.
في وسط كل هذه الأجواء المتوترة يتمكن البعض، مثل خاتمي، من الإمساك بالموضوع من طرف آخر، داعيا إلى مد الجسور وإلى الحوار الحضاري... ويتبادر الى الذهن سؤال عن السبب في عدم تمكن خاتمي من تفعيل أجندته على رغم أنه كان رئيسا للجمهورية، ولماذا لا توجد شعبية في أوساط شعوب المنطقة إلا الخطابات الحماسية التصعيدية التي قد تجر المنطقة الى مالا تحمد عقباه؟
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1665 - الأربعاء 28 مارس 2007م الموافق 09 ربيع الاول 1428هـ