تحكي مسرحية «شلح الطربوش» عن الدماء التي أهرقت سدى خلال تاريخ لبنان وعن الذين ماتوا عبثا. ويقول مخرجها ايلي كرم «أهديت المسرحية إلى اللبنانيين الذين يريدون تغيير مجرى تاريخهم». شكلت فترات الاضطراب وعدم الاستقرار كما الأزمات المزمنة التي عانى منها لبنان مصدر الهام للفنانين الملتزمين الذين يعبرون بأعلى صوتهم عن يأس شعب يعيش في حال نزاع دائمة. ويقول كرم لوكالة فرانس برس «اتساءل في مسرحيتي عن معنى العذاب المستمر، عن الذين لقوا مصرعهم كقرابين على مذبح الطائفية والعشائرية، عن الذين ماتوا صدفة لمجرد وجودهم في لحظة غير مناسبة وفي مكان غير مناسب. كما اتناول الفساد والنزاعات الإقليمية التي كان لبنان دوما مسرحا لها». استوحى كرم مسرحيته من اسم كتاب الصحافي البريطاني روبرت فيسك «ويلات وطن».
تبدأ المسرحية العام 1916 عندما عمد الاتراك إلى شنق عدد من اللبنانيين في ساحة وسط بيروت حملت لاحقا اسم ساحة الشهداء، «وهي الساحة نفسها التي انطلقت منها العام 2005 (انتفاضة الاستقلال)» إثر اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في فبراير/ شباط من العام نفسه وأدت إلى خروج الجيش السوري من لبنان.
من بين اللبنانيين الذين شنقوا غالب عبد النور. فلاح اكتشف في بيروت المنفتحة على العالم والأفكار الغربية مفاهيم الحرية والعدالة التي أدت به إلى حبل المشنقة.
وترك عبد النور خلفه إرثا وحيدا، طربوش أحمر بلون الدم لكنه يرمز إلى الشرف.
ينتهي الاحتلال التركي للبنان ليبدأ عهد الانتداب الفرنسي. تهب زوجة عبد النور نفسها إلى موظف رفيع فاسد يجتذب النساء بثياب يجلبها من باريس.
وبعد 18 عاما نرى نجل عبدالنور وقد امتهن عرض الأفلام في إحدى صالات السينما. أغوى هذا الشاب بائعة زهور اسمها غزل واثمرت علاقتهما فتاة هي «ثمرة الخطيئة». انتفض أهل غزل وارادوا قتل احد الحبيبين. انتحر الشاب ليفدي حبيبته.
تحل غزل محل حبيبها المنتحر ومعها ابنتها تتابع كل الأفلام المعروضة. تكتسب الابنة ثقافة عالمية مطعمة بصور غريتا غاربو ومارلين ديتريش والتي تشكل الزاد الضروري للبنانيين الراغبين في الهروب من واقعهم اليومي الحزين. يعرض مخرج سينمائي دورا في احد أفلامه على ابنة غزل، وتبيع الام جسدها لتشتري لابنتها ثوبا لائقا. لكن أحلام ابنة غزل تتبخر مع اندلاع أول حرب أهلية العام 1958. تصبح ابنة غزل مضيفة طيران تجوب العالم حاملة حقيبتها، ما يرمز إلى هجرة الشباب هربا من بلد يغرق في النار والدم كل عشرة أو 15 عاما.
تتوالى تواريخ النزاعات اللبنانية على شاشة فيما يردد صوت أسماء الشهداء. ومع كل اسم يسقط طربوش أحمر لتضيق المنصة بالطرابيش الحمراء.
من جهتها، تحكي المخرجة السينمائية مي المصري في فيلمها الوثائقي «يوميات بيروت» عن «حقائق واكاذيب انتفاضة الاستقلال» عبر عيون شبان شاركوا فيها وخاب املهم.
فاز «يوميات بيروت» بجائزة معهد العالم العربي في باريس لهذا العام. وهو يحكي قصة موت الأمل، أمل شباب لبنان الذين شاركوا في «مخيم الحرية» العام 2005. وتقول نادين زيدان بطلة الوثائقي «استخدمنا السياسيون للحفاظ على مواقعهم في السلطة».
سحبت سورية قواتها من لبنان في ابريل/ نيسان 2005. وبعد أشهر قليلة جرت الانتخابات التشريعية التي أدت إلى عودة الطبقة السياسية نفسها التي كانت تحكم لبنان في عهد الوصاية السورية. اما في مسرحية «جرصة» فيتهكم المؤلف رفيق علي أحمد على «أصحاب القرار» الذين يريدون «سوق الشعب إلى المسلخ». ويقول أحمد الذي يؤدي المسرحية منفردا «لست ثورا لتذبحوني وتخصوني».
وفي فيلم بعنوان «لبنان - حرب» مؤلف من ثمانية أفلام قصيرة، تجسد السينمائية الشابة رانية اسطفان بحس مرهف الوجه الآخر للحرب التي جرت الصيف الماضي بين «إسرائيل» وحزب الله عبر شخصيات عادية تجاهلتها وسائل الإعلام.
العدد 1665 - الأربعاء 28 مارس 2007م الموافق 09 ربيع الاول 1428هـ