العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ

حتى الفقراء... حظوظ!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في إحدى دول العالم الثالث، تعرّض أحد الأحياء الفقيرة إلى حريقٍ أتى على الأخضر واليابس، فتشرّدت مئات العوائل بعد أن فقدت قوتها ومدّخراتها الزهيدة. وفي ضوء هذه الكارثة، صدرت التعليمات الرئاسية بتزويد كل عائلة منكوبة بجهاز تلفزيون، وثلاجة، وبوتاغاز!

ونقلت بعض الوكالات أن أوامر صدرت لتسجيل الأسر المنكوبة تمهيدا لحصولها على شققٍ سكنية، ولذلك دخلت على الخط قوائم جديدة بمئات الأسر من غير سكان الحي الأصليين! وهو ما دفع هؤلاء إلى الخروج في مظاهرات عفوية لقطع الطريق على تسرّب الدخلاء على الحي حينما أحسوا باقتراب الفرج!

هذه «الضارة النافعة»، تكرّرت في بلد عربي آخر ولكن بسبب عملية انتحارية ضد مقهى للانترنت. فقد أفاد مراسل «فرانس برس» أن السلطات في مدينة الدار البيضاء المغربية بدأت الخميس الماضي بهدم حي «دوار سكويلا» الذي انطلق منه الانتحاريان اللذان نفّذا عمليتهما في 11 مارس الجاري، وقتل فيها الانتحاري، وجرح شريكه مع ثلاثةٍ آخرين. وكان الانتحاري وشريكه يعملان بائعين متجولين، ويقطنان في هذا الحي الفقير بمنطقة سيدي مؤمن. وقد اعترف مسئول في البلدية بأن العملية سرّعت في تنفيذ مشروع هدم الحي الفقير الذي كان مقررا أن يبدأ في 2009، ولكن العملية سرّعت بدئه من الآن (2007)، فبدأت الجرافات بهدم القسم الأول المكون من 120 كوخا من أصل ألفي كوخ، تعود إلى الستينات. السلطات في مدينة الدار البيضاء وفي عملٍ إنساني كبير، قدّمت إلى العوائل مكرمة مالية لإخلاء أكواخها الآيلة إلى السقوط، وقامت بتخصيص أراضٍ في حي قريب لعائلات دوار سكويلا. هذا المشروع الرائد سبقه مشروعٌ آخر، إذ بدأ تنفيذ مشروعات إسكانية أيضا في أعقاب اعتداءات 16 مايو/ أيار 2003 التي أوقعت 45 قتيلا وعشرات الجرحى، كما تم تشييد ملاعب رياضية وبناء قاعة مغلقة ومركز ثقافي لاحتواء شباب سيدي مؤمن. ولأن الأحوال ليست كلها عسلا وسكّرا في العالم الثالث، ولأن قاعدة «كل ضارة نافعة» لا تنطبق دائما في عالم الفقراء، فإن وكالة الأنباء الألمانية نقلت أمس (الأحد) تقريرا عن حال الفزع التي تسيطر على مزارع الدواجن في بنغلاديش بعد اكتشاف «انفلونزا الطيور». ففي بلدٍ لا يحصل أكثر مواطنيه على دولار واحد في اليوم (أقل من أربع روبيات بحرينية)، يمكنكم أن تتخيّلوا حجم الكارثة... كأن ما بهم لا يكفيهم حتى يتسلّط عليهم وعلى دجاجهم هذا المرض اللعين!

الأدهى أن حكومة جمهورية بنغلاديش استدعت جيشها للإشراف بنفسه على إعدام الطيور وتطهير مئات المزارع في المنطقة الملوّثة بالفيروس القاتل للدجاج. وقد تمّ فعلا إعدام عشرات الآلاف من الطيور في محاولةٍ لوقف انتشار المرض. وبلغة الأرقام، أعدم المسئولون 30 ألف دجاجة في منطقة سافار شبه الصناعية، قرب العاصمة (دكا)، مذ أعلنت وزارة الصحة ظهور المرض الجمعة الماضي، والمحزن ان الأيام المقبلة ستشهد مزيدا من الإعدامات. ويهدد إغلاق الكثير من مزارع الدواجن نصف مليون عامل في مختلف أنحاء البلاد بفقدان مصدر أرزاقهم.

حتى بالنسبة إلى فقراء العالم الثالث «الدنيا حظوظ»، فهناك فقيرٌ يحصل على تلفزيون وثلاجة وبوتوغاز، وهناك فقيرٌ تسرّع عمليةٌ انتحارية يستعجل صاحبها دخول الجنة، فتهدم أكواخ الحي ويبنى لقاطنيها صالة ومركز رياضي، وهناك من يشارك جيشه الوطني في إعدام ما يملك من دجاجاتٍ مريضةٍ من دون تعويض!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً