يبدو أن توفير مياه الشرب الصحية بات أحد الشروط المهمة من أجل تفادي الصراعات، الأمر الذي جعل مدير المجلس العالمي للمياه لويك فوشون يذهب إلى القول «علينا الاعتراف بلا مغالطة بأن حق الحصول على مياه نظيفة هو عامل أساسي لضمان كرامة الإنسان».
لكننا ينبغي أن نعلم أن العالم يمتلك كميات هائلة من المياه العذبة. ومع ذلك، فإن توزيعها يتم بشكل غير متكافئ. وبسبب سوء الإدارة ومحدودية الموارد والتغيرات البيئية القائمة، بات نصف سكان كوكبنا تقريبا محرومين من مياه الشفة المأمونة ومرافق التطهير السليمة، استنادا إلى تقرير الأمم المتحدة العالمي الثاني عن تنمية الموارد المائية. ويوفر هذا التقرير، الذي يصدر كل ثلاثة أعوام، التقويم الأكثر شمولية بشأن موارد المياه العذبة. وأطلق في مكسيكو، عشية انعقاد المنتدى العالمي الرابع للمياه (مكسيكو، 16- 22 مارس/ آذار 2006) تحت عنوان «المياه، مسئولية مشتركة». وهو يركز على أهمية الحكم السليم في إدارة موارد العالم المائية ومكافحة الفقر. ويكشف التقرير أن النظم الإدارية «تحدد من ينال كمية معينة من المياه، وزمان وكيفية الحصول على هذه المياه، ومن يحق له الانتفاع بالمياه والخدمات المتصلة بها». وتتجاوز هذه النظم مستوى «الحكومات»، لتشمل السلطات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني. ويلقي التقرير الضوء على النقاط التالية:
1 - على رغم التقدم المهم والمطرد، وتوافر «كميات هائلة من المياه العذبة على الصعيد العالمي»، بيد أن التقرير المشترك لمنظمة الصحة العالمية واليونيسيف الخاص بمراقبة التزود بالمياه يشير إلى أن 1.1 مليار شخص ما زالوا محرومين من الكميات الملائمة من مياه الشفة، في حين أن 2.6 مليار شخص محرومون من مرافق التطهير. وينتمي هؤلاء إلى فئة الناس الأكثر فقرا في العالم.
2 - تلعب النوعية السيئة للمياه دورا أساسيا في تدهور ظروف الحياة وشروطها وفي تزايد المشكلات الصحية لعالمنا. فقد أودت أمراض الإسهال والملاريا بحياة 3.4 ملايين نسمة في العالم، العام 2002، 90 في المئة من هؤلاء كانوا من الأطفال دون الخامسة من أعمارهم. وبالإمكان بحسب التقديرات إنقاذ 1.6 مليون شخص كل عام إذا تمكنا من تحسين شروط الحصول على مياه الشفة وتطهير المياه والمرافق الصحية.
3 - تسجل نوعية المياه تراجعا في معظم المناطق. كما تشير الأدلة إلى أن الأنواع الحية والنظم الإيكولوجية للمياه العذبة تشهد تدهورا سريعا، وبوتيرة أسرع في غالبية الأحيان من النظم الإيكولوجية البرية والبحرية. ويذكر التقرير أن الدورة المائية، التي تعتمد عليها الحياة، تحتاج إلى بيئة سليمة لتأدية وظيفتها.
4 - إن 90 في المئة من الكوارث الطبيعية هي حوادث متصلة بالمياه، ويبدو أن هذه النسبة إلى ارتفاع. كما أن عددا كبيرا منها ناجم عن سوء استخدام الأراضي.
5 - ستزداد الحاجة الغذائية عبر أنحاء العالم بنسبة 55 في المئة بحلول العام 2030. وسينعكس ذلك من خلال تزايد الطلب على أنشطة الري، التي تستغل حاليا نحو 70 في المئة من مجمل كميات المياه العذبة المستخدمة للحاجات البشرية.
6 - ستعيش نصف الإنسانية في المدن بحلول العام 2007. وسترتفع هذه النسبة إلى نحو الثلثين بحلول العام 2030، مما سيسفر عن زيادات هائلة في الطلب على المياه في المدن.
7 - إن ما يزيد عن ملياري شخص في البلدان النامية لا يتمتعون بإمكان الحصول على أشكال مأمونة للطاقة. وتشكل المياه موردا رئيسيا لإنتاج الطاقة، التي تكتسي بدورها أهمية حيوية بالنسبة إلى التنمية الاقتصادية. وتستخدم أوروبا 75 في المئة من إمكاناتها الكهربائية المائية. أما إفريقيا، إذ 60 في المئة من السكان لا يتمتعون بالكهرباء، فلقد طورت 7 في المئة فقط من إمكاناتها في هذا المجال.
8 - يجري استخدام كميات هائلة من المياه، في عدد كبير من الأماكن عبر العالم، من دون أن يدري بها أحد، وقد تتراوح نسبتها ما بين 30 و40 في المئة أو أكثر، وذلك من خلال تسربها داخل الأنابيب والقنوات والصلات غير المشروعة.
9 - على رغم عدم توافر أرقام دقيقة، تفيد التقديرات بأن الفساد السياسي كلف قطاع المياه ملايين الدولارات سنويا ويعيق الخدمات المتصلة به، خصوصا على مستوى الفقراء.
هذه ارقام عن المياه وأهميتها وأزماتها ينبغي لنا التمعن فيها كي ترشنا للنظر بإمعان في أرقام مصادر أخرى بحوزتنا لكننا لا نستخدم تلك المصادر بشكل جيد ولا نستفيد من مداخيلها على النحو الذي يجب.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ