العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ

حكاية رصيف وشارع ومواطن

يحكى أن ثلاثة، الأول اسمه رصيف، والثاني اسمه شارع، والثالث اسمه مواطن، تلاقوا مصادفة وعلى غير ميعاد في محطة من محطات الأرض، والغريب أن الثلاثة كانت تبدى على ملامح وجوههم الكآبة والحزن والأسى والصمت. وفجأة إذا بالرصيف يتنهد وينظر إلى الشارع والمواطن وهو منكسر ثم قال: يا الله متى ترحمني من هذا العذاب وما هو ذنبي إذ ابتليت في هذه الأرض؟! فقال له الشارع: ما قصتك ومما تتنهد؟! فقال الرصيف: آه يا شارع لو تعرف قصتي! لا يهدأ لي بال ولا يغمض لي جفن ولا يسكن لي جسم كل شهر ولي وجه! عمليات ما بعدها عمليات! تشق ظهري، يوم يرصفوني بالإسفلت ويوم بالكنكري ويوم بالزراعة ويوم بالطوب ولا يفرق الأمر أو ينتهي عند ذلك حتى تعود العملية مرارا وتكرارا... وهكذا لا أعلم إلى أين المصير ومتى تنتهي؟! فقال الشارع للرصيف: هون عليك يا صديقي فأنا حالي أسوأ منك ومصيبتك أخف مني! فقال الرصيف للشارع: وكيف ذاك؟! فقال الشارع: أنا وكما تعلم ويعلم الجميع أرصف في كل مكان والكل يمر على ظهري. فقال الرصيف: طيب وما المشكلة في ذلك؟ قال الشارع: ليست هناك مشكلة ولكن ما إن يتم الانتهاء من رصفي حتى يتم فتح بطني وشق ظهري مرة باسم تمديد الكهرباء ومرة باسم خطوط الاتصالات ومرة باسم المجاري ومرة باسم التطوير، والمشكلة أنهم مرة يرصفوني ومرات يتركوني بلا غطاء والنتيجة جسم مرقع ووجه مشوه وآه يا رصيف.

وبعد ذلك التفت الرصيف والشارع إلى المواطن فإذا بعينه تذرف والاستغراب يملأ حدقة عينيه، فقالا له: ما بالك يا مواطن ولما كل هذه الدموع؟! فقال: وددت لو أني كنت مثلكما، رصيف أو شارع، لا يهم. ولكن المهم أن أجد من يهتم بشئوني وينظر في حالي. فقال الشارع: يا مواطن أنت ليس فيك فائدة وليس من ورائك أي عائد! فقال المواطن: ماذا تقصد يا شارع بهذا الكلام؟ فقال الشارع: يا مواطن هل القوم يغفلون عن التخطيط المسبق أو تراهم عاجزون! لا طبعا ولكن هم يعلمون أنهم لو خططوا بشكل صحيح من المرة الأولى لذهبت المبالغ إلى جيبك يا مواطن، وهي على فكرة ليست لسواد أعيننا، ولكن هي في الأصل لجيوب بعض الناس وإذا أردت التأكد، فاسأل نفسك لماذا يتم تغيير الأرصفة والشوارع من وقت لآخر، هل لأن المسئولين أغبياء أو لأنهم لا يعلمون أن هذا الطريق لا يحتاج إلى تمديدات مسبقة وأن هذه المناطق تقدر بهكذا عدد من المنازل أو المحلات أو المصانع وأنه سيرتاد هذا المكان هكذا عدد! لا يا صديقي المواطن إن المسألة أبعد مما تتصور، وليست ثمة لبيب لا يفقه ما يحاك. وهذه البلاد من حولك أنظر إلى شوارعها وانظر إلى أرصفتها. فقال المواطن وألا تنظر إلى مواطنيها بالمرة! بالله عليك لا تسقطني من حساباتك كما أسقطت من حسابات المسئولين! فأنا ايضا يستفاد مني ولكن في نفخ بطون المصارف من ضرب القروض... فضحك الشارع والرصيف والمواطن... وهكذا كانت الحكاية في زمنٍ ما ومكانٍ ما.

عارف الجسمي

العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً