قد لا يختلف اثنان على أن الفساد هو آفة التقدم، لكن قد تتباين الآراء إذا ما قسنا تأثيرنا على هذا الفساد وإذا ما كنا كشعوب جزءا من هذا الفساد.
المسئولون ومن يمتكلون السلطة قد يكونون المحاسبين أولا عند الحديث عن الفساد في أي مكان، فهم من يديرون الأمور، وهم من بيدهم في البداية اكتشاف وإيقاف الفساد أو فضحه أو التماشي مع الفساد من جهة أخرى. في الحقيقة إننا كشعوب عندما نسكت عن الفساد فإننا نمارسه في الواقع ونصبح شركاء فيه بطريقة أو بأخرى كما نكون جناة على أنفسنا.
لعل من أبرز أشكال الفساد البادية في مجتمعنا البحريني بوضوح «الواسطة» أو «المحسوبية»، وهي من أشد أنواع الفساد مقتا، وربما هذه المشكلة تبرز في التوظيف وخصوصا في المؤسسات العامة، وللأسف أنه على رغم وجود أنظمة لدى ديوان الخدمة المدنية تتعلق بآليات التوظيف في القطاع الحكومي لكنها مازالت تحتاج إلى كثير من التطوير، فغالبية القواعد لا يتم تطبيقها على أرض الواقع أو إنها تكون شكلية. فهناك الكثير من إعلانات الصحف التي تعلن وجود شواغر وظيفية، لكنها تشغر في الواقع قبل نشر الإعلان! وكثير من المقابلات تكون شكلية، بل والأدهى أن يشغل موظف وظيفة اختصاصية في مناصب إدارية عليا وهو ليست لديه شهادة جامعية، فيما تفوض سوق العمل البحريني بحملة الشهادات الجامعية والخبرات!
من المهم جدا تنظيم آلية للتظلم ضد قرارات التوظيف في الوزارات، فليس من الصحي أن تقوم الصحف بواجب الدولة ومحاولة عرض وحل مشكلات المواطنين في هذا الجانب المتعلق بعمليات التوظيف في الحكومة، كما أنه ليس من المنصف عدم وجود نظام للتظلم معروف لدى الجميع بحيث يستطيع المواطن أن يتقدم بشكوى عند رؤيته لممارسات محسوبية وواسطة في إحدى الوزارات وخصوصا إذا ما توافرت المستندات التي تثبت صحة الإدعاء.
إذا أراد المسئولون أن يشركوا الشعب البحريني في مكافحة الفساد، فعليهم أن يضعوا لهم الأدوات التي يستطعيون بها مكافحة الفساد على كل الأصعدة، وأن تكون هذه الأدوات فعالة جدا، أعتقد أن وجود الإرادة السياسية بمكافحة الفساد هو الطريق الوحيد لمنع شعور الناس بالظلم وانعدام العدالة والإحباط وخصوصا من قبل الفقراء.
العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ