العدد 1661 - السبت 24 مارس 2007م الموافق 05 ربيع الاول 1428هـ

مواجهة ندرة المياه... لكل قطرة قيمتها

وليد خليل زباري Waleed.Zubari [at] alwasatnews.com

وليد خليل زباري

يحتفل العالم في 22 مارس/ آذار من كل عام باليوم العالمي للمياه. ويرجع تاريخ الاحتفال بهذا اليوم إلى تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1992 قرارا بتحديد هذا اليوم من كل عام لإقامة هذا الاحتفال بناء على توصيات مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية المنعقد في العام 1992 في ريو دي جانيرو (الفصل الثامن عشر لأجندة القرن الحادي والعشرين والمتعلق بموارد المياه العذبة). ويهدف الاحتفال باليوم العالمي للمياه إلى التنبيه إلى مشكلات المياه العذبة في العالم ولفت نظر الدول إليها. وتتم دعوة دول العالم للاحتفال بهذا اليوم وإقامة الأنشطة والفعاليات من خلال نشر المعلومات وعقد المؤتمرات والندوات والمعارض في موضوعات المياه المختلفة.

وفي كل عام تختار الأمم المتحدة شعارا عاما ليعكس الأبعاد المتعددة والقضايا الملحة في مجال المياه، ولإلقاء الضوء على قضية معينة من قضايا المياه كإحدى الوسائل لرفع الوعي العام بهذه القضية بشكل شامل في مختلف أنحاء العالم (انظر «22 مارس... اليوم العالمي للمياه»، الوسط، العدد 1290، 19 مارس، 2006).

في هذا العام تم اختيار شعار «مواجهة ندرة المياه... لكل قطرة قيمتها» لليوم العالمي للمياه من قبل مجموعة من منظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة بالمياه في الأسبوع العالمي للمياه الذي عقد قي ستوكهولم في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي (2006)، وتم تكليف منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) لتكون منسق الإعداد للاحتفال بهذا اليوم بالنيابة عن منظمات الأمم المتحدة.

وتم اختيار هذا الشعار (مواجهة ندرة المياه) لإلقاء الضوء على التزايد المستمر لمشكلة ندرة المياه على المستوى العالمي والحاجة إلى زيادة التكامل والتعاون على المستويين الوطني والدولي لضمان الإدارة الكفء والمستدامة للموارد المائية. وتطرح أدبيات اليوم العالمي للمياه لهذا العام قضايا العدالة والحقوق والثقافة والأخلاق كقضايا رئيسة يجب النظر إليها وأخذها في الاعتبار عند التعامل مع مشكلة محدودية الموارد المائية المتاحة، كما تطرح هذه الأدبيات موضوعات عدم التوازن القائم حاليا بين الموارد المائية المتاحة والطلب عليها، وتدهور نوعية المياه الجوفية والسطحية والذي يزيد بدوره من ندرة المياه، وتزايد التنافس بين القطاعات المعتمدة على المياه في نموها، والنزاعات الإقليمية على المياه المشتركة، كموضوعات رئيسة ومحورية ينبغي النظر إليها لمواجهة ندرة الموارد المائية.

وهناك الكثير من التعريفات لـ «ندرة المياه»، إلا إنه وبشكل عام يتم عادة تعريف هذا المصطلح بأنه المرحلة التي يمس فيها التأثير الكلي لمستخدمي المياه بكمية ونوعية المياه المتاحة لدرجة تؤدي إلى عدم الإيفاء الكلي باحتياجات القطاعات المعتمدة على المياه، بما فيها الأنظمة البيئية. ويعتبر مبدأ ندرة المياه مبدءا نسبيا، ويمكن إطلاقه على أي مستوى للعرض أو الطلب، ويمكن أن يحدث لأسباب عدة منفردة كانت أو مجتمعة. فقد تكون الندرة ناشئة بفعل الإنسان/ المجتمع بسبب عدم كفاءة استخدامه وإدارته للموارد المائية، أو بسبب الظروف الطبيعية بوقوع مساحات الدول في النطاق الجاف أو شبه الجاف من الكرة الأرضية، أو قد يكون بسبب الظروف الطبيعية الجافة مقترنة بنمو سكاني عالٍ وتنمية اقتصادية متسارعة، مثل ما هو حاصل في دول مجلس التعاون الخليجي. وهنا تكون ندرة المياه في أعلى درجات حدتها. بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من العوامل التي تؤدي إلى زيادة ندرة المياه، ومن أهمها اتباع سياسات زيادة الإمدادات المائية من دون النظر إلى محدودية الموارد المائية المتاحة أو كفاءة الاستخدام، أو عدم حماية الموارد المائية من التلوث ما يؤدي إلى تقلص كميات المتاح منها للاستخدام.

وتشير أدبيات اليوم العالمي للمياه إلى أربعة قوى مؤثرة رئيسة من المتوقع أن تؤدي إلى زيادة ندرة المياه في العالم في العقود المقبلة، وهي: 1) النمو السكاني الذي أصبح من الصعب التحكم فيه. 2) التوسع الحضري المتزايد والذي يؤدي إلى تنامي الطلب البلدي على المياه. 3) الزيادة في معدل استهلاك الفرد والتي هي نتاج زيادة التقدم والنمو وارتفاع مستوى المعيشة في دول العالم بشكل عام. 4) ظاهرة تغير المناخ العالمي التي من المتوقع أن تؤدي إلى تذبذب شديد في الأمطار وزيادة فترات الجفاف، وخصوصا في المناطق الجافة. وفي ظل المتوقع من ندرة مائية متزايدة، هناك حاجة لمواجهة هذا الاتجاه في الندرة عن طريق اتخاذ إجراءات ملائمة تقلل من حدتها، وخصوصا في المناطق الجافة. ويبدو أنه بالنسبة إلى دول المجلس، إذا ما أريد تخفيف مشكلة ندرة المياه فيها، فإن العمل على تقليل تأثير القوى المؤثرة المتمثلة في النمو السكاني ومعدل استهلاك الفرد سيؤديان إلى هذا الغرض. إلا أنه، وبالنظر إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحالية، قد يكون من الصعب التحكم في العامل الأول (النمو السكاني)، ويبقى لمسئولي قطاع المياه العمل على تقليل العامل الثاني المتعلق بأنماط استهلاك المياه في القطاع البلدي لمواجهة الندرة المائية التي يواجهونها.

تشير الدراسات المائية والزراعية إلى أنه في معظم دول المجلس التي تعاني من ندرة المياه بشكل حاد يمثل القطاع الزراعي المستهلك الأكبر للمياه بنسبة تصل إلى 85 في المئة من المياه الكلية المستخدمة في هذه الدول. ومن ناحية أخرى، تصل نسبة الهدر في هذا القطاع أكثر من 50 في المئة. ولذلك، فإن جدولة موضوعات رفع كفاءة استخدام مياه الري وزيادة إنتاجيتها على قائمة أولويات قطاع المياه في دول المجلس، أي إعطاء كل قطرة قيمتها، من المتوقع أن يؤدي إلى توفير كميات كبيرة من المياه، وأن يمكن هذه الدول من مواجهة ندرة المياه المتوقعة في المستقبل بشكل أفضل.

إقرأ أيضا لـ "وليد خليل زباري"

العدد 1661 - السبت 24 مارس 2007م الموافق 05 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً