هل تمر العلاقات الأميركية الإيرانية بتحول مهم؟

هناك مؤشرات واضحة بأن واشنطن غير راضية عن الوضع الجاري، وأنها تسعى إلى مزيد من الضغط لجعل باكستان أكثر إذعانا وتجاوبا مع مطالب أميركا الأمنية. كما أنه من الممكن أيضا أن تكون العلاقات الأميركية الإيرانية قد أصبحت ساحة للمعركة التي يسجل فيها الديمقراطيون نقاطا سياسية ضد إدارة بوش.

أصبحت العلاقات الأمريكية الباكستانية منذ العام 2001 حين تخلت باكستان عن دعمها لحكومة طالبان في أفغانستان وبدأت بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية مبنية على مبدأ واحد يتلخص في تحقيق المطالب الأميركية وإذعان باكستان لهذه المطالب.

وتقريبا بعد 6 سنوات على حوادث 11 سبتمبر/ أيلول، لايزال بن لادن يختبئ في مكان ما في باكستان إذ قامت حركة طالبان بإعادة تشكيل نفسها وتسوية علاقاتها - كما يشاع في باكستان - وتعيد واشنطن التفكير في صدق وفائدة الإذعان والتعاون الباكستاني.

وبعد أن تسلم الديمقراطيون زمام الأمور في الكونغرس الأميركي في شهر أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي كان هناك ضغط متزايد على حكومة بوش لإعادة تقييم علاقتها بباكستان. وان الخطوة الأبرز في هذا السياق هي الإعلان الذي تم إقراره من قبل البيت الأبيض في شهر يناير/ كانون الثاني الذي يشترط فيه مواصلة الدعم المالي لباكستان بشهادة وإقرار من رئيس الولايات المتحدة الأميركية بأن الدولة الآسيوية جنوب الغربية في باكستان تبذل أقصى جهودها لاحتواء «طالبان» و «القاعدة». ويتم الآن نقاش وجدل على نسخة اقل حدة من هذا الإعلان في مجلس الشيوخ.

وإن التفكير أبعد من هذه الخطوات في الهيئة التشريعية الأميركية يتم بناء على تطورين متداخلين. الأول يرتبط بالجدل المتزايد داخل الولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق وسياسة الخروج من العراق: إذ إن النتيجة المنطقية لتحركات انسحاب القوات من العراق هو إعادة التركيز الأميركي على التهديد الحقيقي في حرب أميركا ضد الجهاد العسكري أي أفغانستان والعمل غير المنتهي المتمثل في القضاء على قيادة القاعدة.

أما السبب الثاني فهو متعلق بالإدارة التي تبدو بوضوح غير راضية من الأداء المتردد لحليفتها في ما يسمى بـ «الحرب على الإرهاب» ومن خلال زيارة نائب الرئيس ديك تشيني بنفسه لباكستان ليخبر الجنرال عن حقيقية الأمور بينهما. وللملأ تظهر الإدارة بموقف من لايزال يدافع عن الرئيس مشرف كونه حليفا في الحرب على الإرهاب ولكنه من الواضح أن فطيرة بوش أصبحت مائلة إلى الفساد.

وفي هذا السياق المزدوج ذو الوجهين يبقى السؤال عن أداء باكستان (أو نقص هذا الأداء) وبأخذ عصيان حركة طالبان الذي تنامى بشكل ملحوظ في السنوات الماضية وخصوصا خلال العام 2006 فإن مصدر القلق يكمن في أن حكومة الرئيس الجنرال برويز مشرف تسمح للمجاهدين وحلفائهم الانتقاليين باستخدام الأراضي الباكستانية لشن هجماتهم على أفغانستان وأبعد من ذلك.

هل تقوم حكومة مشرف بفعل كل ما يمكنها فعله في حربها ضد الإرهابيين؟ ما حجم المطالب التي يمكن ويجب للولايات المتحدة طلبها من باكستان؟ ومن الممكن أن النقطة الأكثر أهمية هي ما الذي يمكن ويجب لإسلام آباد فعله فيما يتعلق وهاتين القضيتين؟

إن الأجواء المحلية السياسية في كل من الولايات المتحدة الأميركية وباكستان تساهم في تحويل شكل علاقتهما. فالولايات المتحدة تم الضغط عليها للمطالبة بالمزيد وباكستان حشرت في زاوية لا تستطيع أن تقدم فيها الكثير.

وفيما يتعلق وتعقب سجل باكستان فإنه من الواضح أنها ساعدت ودعمت الجهود الأميركية للقضاء على قدرة شبكة القاعدة في العمل. وفي هذا السياق تعرضت باكستان إلى خسارة الكثير من المئات من جنودها، إضافة إلى عدم الاستقرار المحلي فيها والذي لايزال يجب على حكومة الرئيس مشرف التعامل معها. ومع هذا لم يستطع الباكستانيون أن يحجموا نشاط «طالبان» ضمن حدودهم. في الواقع شهدت السنوات الثلاثة الماضية تحول وسيطرة للمناطق التي تقع في الجانب الباكستاني وعلى الحدود مع افغانستان إلى الصبغة الطالبانية في المناطق التي تسيطر عليها الباشتون.

إن التحالف الأميركي الباكستاني هو حرج بالنسبة إلى آسيا الجنوبية ولنجاح الأهداف الأميركية في افغانستان وللجهود المتواصلة للنيل من «القاعدة». وان العلاقات الايجابية الأميركية الباكستانية هي في غاية الأهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية بسبب المشكلات الكثيرة ونسب قبولها المنخفضة في العالم الإسلامي بشكل واسع. كما تحتاج باكستان إلى مساعدة أميركا الاقتصادية والعسكرية لتنافس الهند التي تنمو بشكل سريع. ومن دون دعم الولايات المتحدة ستجد باكستان أن مطامحها السياسية الجغرافية مكشوفة بشكل بعرضها للخطر، كما أن الولايات المتحدة سيكون من المستحيل عليها التعامل مع كل من «القاعدة» و «طالبان» من دون مساعدة باكستان.

ولذلك يجب على واشنطن أن تدرك أن باكستان ليست فقط بائعا يمكن تصدير المهمات التي تتعلق والسياسات الأجنبية لها. إذ إن لها مصالحها الوطنية وواجباتها السياسية المحلية ومصادر قلقها الجغرافية. اتفق أنه يجب عليها أن تفعل المزيد ولكن من دون تعريض استقرارها الداخلي ومصلحتها طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأميركية للخطر. لا يجب أن يستخدم الديمقراطيون تحديدا باكستان كوكيل لمحاربة الرئيس بوش لأنهم ومن دون قصد يكونون قد اساءوا إلى مصالح الولايات المتحدة وقوضوا من قوة العلاقات الأميركية الباكستانية.

ومن جهة أخرى فإن باكستان يجب أن تدرك انه يجب عليها فعل المزيد على الصعيد الداخلي والخارجي، إذ إنه يجب عليها على الصعيد الداخلي أن تركز جهودها على تقويض «طالبان» وإعادة ديمقرطة حكومتها. وعلى المستوى الخارجي يجب عليها أن تعمل لتحسين أسس علاقتها بواشنطن والتي هي مهمة بالنسبة إلى رخائها واستقرارها الاقتصادي والجغرافي طويل الأمد. كما يجب عليها أن تعمل للوصول إلى تماسك العلاقات الأميركية الباكستانية وتركيز جهودها لتجيب منتقديها الكثر في واشنطن.

وأنه من مصلحة الجميع أن تبقى باكستان دولة مستقرة وحليفة قوية للولايات المتحدة وحصنها ضد التطرف في منطقتها.

* أستاذ في جامعة Delaware , محلل سياسي، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»