صادف الثلثاء الماضي 22 مارس/ آذار الجاري اليوم العالمي للمياه. ومنذ العام 1993، دأبت منظمة الأمم المتحدة على الاحتفال في الـ 22 من مارس من كل عام باليوم العالمي للمياه. وتغتنم منظمات الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة هذا اليوم للدعوة إلى تخصيص أنشطة على المستويات العالمية والمحلية للتوعية بأهمية المياه والمحافظة عليها وكذلك للسعي إلى إيجاد مصادر جديدة لمياه الشرب.
وتطلق الأمم المتحدة شعارا محددا في مثل هذه المناسبة يعكس علاقة المجتمع الدولي بالمياه في المرحلة التي يطلق فيها الشعار. فشعار العام 2004 كان يحمل «المياه والثقافة». حينها حرصت «اليونيسكو» على أن تعطي للمياه بعدا أكثر اتساعا وشمولية من الاحتياجات المباشرة. فمن وجهة نظر هيئة «اليونسكو» لم تعد المياه عنصرا أساسيا للحياة فقط، بل هي أيضا ملهمة الفنانين ورمز روحي في الكثير من الأديان، تظهر في الكثير من الممارسات الدينية والعادات والتقاليد لكثير من الشعوب. كان ذلك ما أكده حينها الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان في كلمته بمناسبة اليوم العالمي للمياه. وأشار عنان حينها إلى إهدار الإنسان هذه الثروة الحيوية بالنسبة إليه بالقول: «على رغم أهميتها وقدسيتها لدى الكثير من الشعوب، فإنها مازالت تُهدر وتُلوَّث في القرى والمدن. واليوم يفتقد نحو خمس سكان العالم المياه النظيفة». ومن أهم ما جاء في تلك الكلمة حينها، تلك الإشارة الذكية من الأمين العام للأمم المتحدة السابق إلى أهمية مشاركة النساء في تنمية مصادر المياه؛ إذ إنهن المسئولات - كما قال عنان - عن تزويد الأسرة بالمياه في الكثير من المجتمعات.
أما شعار يوم المياه العالمي لهذه السنة فهو «المياه من أجل الحياة... المياه للجميع». والأمم المتحدة، إذ تدشن اعتبارا من تاريخ يوم الاحتفال عقدا بهذا العنوان، إنما تهدف إلى تقليص عدد الأشخاص المحرومين من مياه الشرب ومجاري الصرف الصحي إلى النصف بحلول العام 2015.
ولم يأتِ هذا الشعار من فراغ، إذ يكفي أن نعرف أنه يتوفى 22 ألف شخص كل يوم بسبب أمراض تنقلها المياه غير الصالحة للشرب. فهي السبب الأول للوفيات في العالم قبل سوء التغذية، ناهيك عن التيفوئيد والكوليرا والملاريا والإسهال التي تعد من الأمراض التي تنقلها المياه الملوثة.
فالمياه تشكل رهانا حيويا لنحو 2.4 مليار شخص لا تتوافر لديهم مجارٍ للصرف الصحي، مثل: المراحيض والمجارير العامة، كما أن هناك 1.1 مليار شخص محرومون من المياه الصالحة للشرب.
وقد تعهدت الأسرة الدولية قبل خمس سنوات - أي أثناء القمة الألفية في العام 2000 - أن تخفض إلى النصف عدد الأشخاص المحرومين من المياه النقية من الآن حتى العام 2015. وخلال قمة الأرض في العام 2003 توسع هذا التعهد ليشمل المحرومين من مجاري الصرف الصحي، ولكن من دون تحديد آلية جمع التمويلات المناسبة.
نضيف إلى ذلك أن هناك ما يربو على 35 ألف شخص يموتون يوميا بسبب نقص المياه النقية وبهذه المناسبة نشرت الأمم المتحدة تقرير المياه العالي الثالث، إذ وردت فيه أرقام مفزعة: هناك مليار ونصف شخص ليس لديهم مصدر للمياه النقية، و3 مليارات شخص في العالم ليس لديهم نظام صرف صحي. ويموت كل يوم نحو 35 ألف شخص نتيجة نقص المياه أو بسبب الاعتماد على مياه ملوثة. وعلى رغم وجود خطة للوصول إلى تقليل نسبة الأفراد الذين يعانون نقص المياه الصالحة للشرب 50 في المئة بحلول العام 2015، يبقى هذا الهدف بعيدا عن التحقيق وخصوصا في الدول الإفريقية جنوب الصحراء.
وخلال العقد الأخير فقط حدثت أكثر من ألفي كارثة متصلة بالمياه على جميع النطاقات. وكانت قارتا آسيا وإفريقيا أكثر القارات تضررا، إذ تسببت الفيضانات بنصف هذه الكوارث، وتسببت تفشيات الأمراض المنقولة بالمياه أو الحشرات الناقلة للأمراض بقسم مهم من الكوارث المتبقية. ومن حيث الخسائر المعلنة في الأرواح تسببت الفيضانات بحدوث 15 في المئة من جميع الوفيات المتصلة بالكوارث الطبيعية، وكانت الخسائر الاقتصادية الناجمة من الكوارث الطبيعية المتصلة بالمياه، ضخمة، وخصوصا في البلدان النامية. وتمثل خسائر آسيا ثلث الخسائر الاقتصادية التي سببتها الكوارث المتصلة بالمياه.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1660 - الجمعة 23 مارس 2007م الموافق 04 ربيع الاول 1428هـ