العدد 1660 - الجمعة 23 مارس 2007م الموافق 04 ربيع الاول 1428هـ

من «شرق آسيا» إلى «غرب آسيا»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في التسعينات من القرن الماضي بدأ الحديث حينها عن نهضة في شرق آسيا، وأن في تلك المنطقة «نمور» آسيوية لاتتعب من الحركة الدائبة، وأنه في طريقها لكي تلتحق بالمستوى الاقتصادي المتوافر في الدول المتقدمة. وعن نهوض الهند الاقتصادي الأخير، بدأ الحديث عن نهضة اقتصادية في «غرب آسيا»... وبحسب تقسيم الأمم المتحدة للمناطق، فنحن في الخليج نقع في غرب آسيا أيضا، ومن الحظ أيضا أن دول مجلس التعاون الخليجي تشهد في السنوات الأخيرة نموا اقتصاديا حثيثا.

الفرق بين الهند ودول الخليج أن النهضة الاقتصادية في الهند تعتبر من النوع «المستدام»؛ لأن النمو هناك قائم على الموارد البشرية الهندية، والموارد البشرية المتطورة في الخبرة والتعليم هي العمود الفقري للاقتصادي الذي ينمو بصورة مستديمة... وعليه فإن التحدي الواقع علينا هو أن نحوّل النمو الذي حصلنا على كثير منه بصورة مجانية (لأن سعر برميل النفط ارتفع)، إلى نهج مستدام قوامه قطاعات اقتصادية معرفية تعتمد على الموارد البشرية المتدربة والخبيرة.

في الهند حاليا يوجد فقر مدقع؛ لأن عدد النسمة وصل إلى أكثر من مليار شخص، ولكن هناك 300 مليون شخص (يعادل عدد نسمة العالم العربي) يعتبرون من الطبقة المتوسطة والمتمكنة بخبراتها من قيادة قطاعات اقتصادية متنامية، وأن هذا العدد مرشح لأن ان يتضاعف خلال الخمس إلى عشر سنوات المقبلة، وعلينا أن نتصور ماذا سيحدث عندما تمتلك دولة نحو 600 مليون شخص ضمن الطبقة المتوسطة والأثر الذي يحدثه مثل هذا المد العارم.

الهند تهتم بمنطقة الخليج، واهتمامها سيزداد كثيرا، وذلك لأن حاليا لدينا أربعة ملايين ونصف المليون هندي يعيشون بيننا في دول مجلس التعاون (في البحرين يوجد 263 ألف هندي)، وهو رقم كبير، وكثير من هؤلاء كانوا قد استجلبوا للعمل في مجالات لاتتطلب مهارة لحاجتنا (منذ منتصف السبعينات) إلى الإنشاءات والخدمات رخيصة الثمن. ولكن الهند لم تعد تقبل بالتعامل مع مواطنيها وكأنهم نوع من الرقيق، ومكانة الهند في الأمم المتحدة تؤهلها لكي تضغط على دول الخليج لاعتماد الاتفاق الدولي لحماية العمالة الوافدة ومنحها الحقوق المدنية.

الأمر الآخر، هو أن الهند والصين ستحتاجان إلى نفط وغاز الخليج خلال السنوات المقبلة بالحاجة الأميركية الحالية لمصادر الطاقة الخليجية نفسها، وعليه فإن أمن الخليج يعتبر جزءا أساسيا من أمن الهند (وكذلك أمن الصين)... تماما كما أن أمن الخليج يعتبر محورا أساسيا لأمن أميركا. على أن الفرق بين الهند وغيرها هي أن هذا البلد له علاقات مع منطقة الخليج منذ آلاف السنين، والهند تعتبر نفسها الأكثر قدرة على فهم المنطقة والتأثير فيها، وعلينا أن نفهمها أيضا لكي تتحقق مصالح الجميع بما يلائم النهضة الحالية لـ «غرب آسيا».

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1660 - الجمعة 23 مارس 2007م الموافق 04 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً