ما إن أوشكت كليبات الفيديو الغنائية التي يصفها النقاد بـ «الهابطة»، مثل «العنب» و«الحنطور» و«الحمار»، على إحكام سيطرتها على شاشات نحو 20 فضائية غنائية عربية، حتى بدأ يزاحمها نوع جديد من الكليبات يتناول قضايا هادفة في حياة المسلمين، بعيدا عن الموديلات شبه العاريات أو الموسيقى الصاخبة.
هذه الكليبات، التي يطلق عليها لفظ «الكليب الإسلامي»، بدأت تنتشر في أعقاب أغاني المطرب البريطاني الشهير، سامي يوسف، ثم أغاني المنشد والقارئ مشاري راشد.
ومع إنتاج كليبات جيدة من هذا النوع، بدأت الفضائيات الغنائية، ومن بينها «سمارت» و«إي.تي في»، وعدد من الفضائيات الدينية، تتهافت على بث «الكليبات الإسلامية» التي تدور في معظمها بشأن أحوال المسلمين تحت الاحتلال في كل من فلسطين والعراق، ومولد النبي (ص) والأم، وغيرها من الموضوعات والقضايا ذات البعد الديني أو الأخلاقي أو السياسي.
تجارة أم «صدقة»؟!
ومع انتشار هذه الكليبات بصورة كبيرة في مصر ودول الخليج، بدأت مناقشات حول هذه الظاهرة في الإعلام العربي حتى أن برنامج «البيت بيتك» على القناة الثانية بالتليفزيون المصري، خصص اخيرا فقرة عنها دار النقاش فيها حول ما إذا كانت مجرد تجارة مثل باقي الفيديو كليب، تستغل العاطفة الدينية، أم أنها «صدقة جارية» كما يقول القائمون عليها.
وبينما وجهت صحف ومجلات فنية عربية اتهامات ضمنية لأصحاب الشركات التي تنتج هذه الكليبات بأن غرضهم هو «التجارة فقط»، يؤكد الكثير من أصحاب هذه الشركات أن العنصر المادي ليس مبتغاهم، وأنهم يعتبرونها «صدقة جارية» تقربهم من الله.
ويدلل الكثير من منتجي هذه الكليبات على ذالك بأن العائد المادي غالبا ما يذهب للفضائيات التي تبث تلك الكليبات، في صورة إعلانات أو الرسائل القصيرة (sms) التي يرسلها الجمهور لتشجيع مثل هذه الكليبات، في حين أنهم غالبا من جهتهم يهدون هذه الكليبات إلى الفضائيات بلا مقابل، عكس الحال مع شركات إنتاج الكليبات الغنائية الأخرى، التي تتقاضى الملايين من الفضائيات.
لكن على رغم ذالك تؤكد تقارير صحافية ونقاد أن الكليبات الإسلامية تحولت إلى تجارة يهرول إليها المنتجون لكلفتها الزهيدة وربحها الكبير، إذ تتراوح كلفة الكليب ما بين 25 - 35 ألف دولار، إذ لا تتم الاستعانة بموديلات أو عازفين موسيقيين، ولا حاجة لاستخدام كاميرات سينمائية غالية الثمن للتصوير، إذ يمكن تصويره بكاميرا فيديو تتراوح كلفتها بين 150 و500 دولار يوميا.
أشهر الكليبات
وغالبا ما تتضمن الكليبات الإسلامية أغاني لأطفال أو لمنشدين كبار من دون موسيقى أو راقصات، ويقتصر دور الموسيقى على الدفوف أو الطبول، كما تتم الاستعانة أحيانا بمقاطع فيديو مصورة سابقة لأحداث إخبارية مثل ما يجري في فلسطين أو العراق من اعتداءات على المسلمين ومقدساتهم.
ومن أشهر هذه الكليبات - بجانب كليبات سامي يوسف ومشاري راشد وآخرها «طلع البدر علينا» - كليب يسمى «أطفال لكن»، الذي أنتجته شركة «الأبرار» السعودية عن معاناة أطفال فلسطين والعراق، وكليب «أمة المليار»، وكليب نشيد «حضن الوطن».
وكذلك كليبات شركة «جلف ميديا»، ومنها كليب «فرشي التراب» للمنشد مشاري العرادة، وكليب أبو خاطر الجميل المسمى «لسوف أعود يا أمي»، وعدد كبير من أغاني الكليبات الخليجية مثل «لنشيد قلبي شدا».
وتدور على منتديات الإنترنت مناقشات ساخنة حول جدوى هذه الكليبات وتقنيتها الفنية الضعيفة أحيانا، والتي تؤثر على المردود من ورائها، خصوصا أن هناك تحديات كبيرة تواجهها في ظل عدم تقديمها «الإغراءات التي يقبل عليها قطاع من الجمهور وتتوافر في الكليبات الغنائية الأخرى، مثل الراقصات شبه العاريات، والأضواء المبهرة».
ويرجع جمهور الإنترنت أهمية وانتشار الكليبات الإسلامية إلى ظهور صحوة إسلامية، بجانب حسن إخراج هذه الكليبات، وطابعها الهادئ، وكلماتها الرائعة، وألحانها العذبة، مثل أغنية «أمي» لأبو خاطر، في مقابل الإسفاف في بعض الأغاني المنتشرة بقوة حاليا مثل أغاني: «الحمار»، و«الحصان»، و«العنب»، و«الحنطور».
ومع ذلك يعتبر الكثير من زوار منتديات الإنترنت أن الكليب الإسلامي يمر بأزمة نتيجة التفاوت في المستويات ما بين كليب قوي وآخر ضعيف فنيا، فيما يرى آخرون أن المرحلة الحالية هي مجرد مخاض سيتبعه ميلاد الكليب الإسلامي المنافس، خصوصا مع تحسن الإفادة من الوسائل التقنية، مشددين على أنه لا مانع من الربح طالما أن الهدف نبيل.
العدد 1660 - الجمعة 23 مارس 2007م الموافق 04 ربيع الاول 1428هـ