العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ

الورم الاقتصادي

علي محمد جبر المسلم comments [at] alwasatnews.com

يعتقد كثير من الناس أن في توفر السيولة المالية الكبيرة من مبيعات النفط بأسعار عالية وصعود قيمة العقارات وأسهم الشركات وما يتبعها من تنامي الأبنية وارتفاعاتها، لهو مؤشر جيد على النمو الاقتصادي الواعد مع أن ذلك في حقيقة الأمر لا يتعدى إلا أن يكون ورما سيئا قابل للانفجار في أي لحظة مدمرا حياة الكثيرين من المنهمكين في خط المضاربات المالية الطارئة والخارجة عن حدود المعقول.

النمو الاقتصادي الطبيعي لا يأتي هكذا فجأة في ارتفاع غير مبرر ليس له من أساس يسنده. كما أن النمو الاقتصادي لا يزدهر بالبنايات والجسور والقصور التي نجيد الصرف على تشييدها، إنما ينمو في بيئته الطبيعية وتربته الصالحة وذلك عندما تتهيأ له الكوادر البشرية الخلاقة من الشخصيات القوية القادرة على إدارة وتنمية متطلبات الاقتصاد والأمن الوطني بكل ما تعنيه العبارة من معنى.

هنا علينا أن نتوقف لحظة لننظرماذا تحقق لدينا في عالمنا العربي لغاية هذا التاريخ بعدما أهدرنا الكثير من أموال الثروة النفطية التي زخرت بها منطقتنا ولنا هنا أن نتساءل هل فعلا لدينا نمو اقتصادي سليم وأمن وطني حكيم.

للإجابه على هذا التساؤل ولكي نصل إلى حقيقة الأمر علينا أن نعي تماما أن الجسم الاقتصادي لن يصح أبدا إذا ما تم بيع رئته وكليته وأطراف جسمه لمستثمر أجنبي يتحكم في نظام أدائه وله حق نزع خبرائه متى ما أراد، وعلينا أن ندرك كذلك أننا نحن واقتصادنا وأمننا الوطني في خطر، ويمكن أن نصبح بين ليلة وضحاها تائهين من دون ماء، الذي هو أساس الحياة، وكهرباء، الطاقة المحركة للتطور والإبداع العلمي والتكنولوجي.

في مملكة البحرين ثلاث شركات أجنبية وهي بكل تأكيد لا يهمها أمن الوطن والمواطن بقدر همها على مصالحها. فهي تتحكم في مفاصل تكنولوجيا إدارة وإنتاج مياه الشرب والكهرباء. وهنا لو حدث لسبب أو اخر تعثر سياسي أو اقتصادي لرمت هذه الشركات الحبل على القارب وغادر خبراؤها ليلقى الشعب مصيره، ويذهب في متاهة التاريخ بين جوع وعطش.

تلك هي صورة مصغرة ومشهد واحد في عالمنا الصغير مملكة البحرين، وقس ذلك على عالمنا العربي الكبير لتتضح لنا الصورة التي يعيشها عالمنا العربي الكبير.

ذلك هو مثل واحد من أمثلة كثيرة يعج بها عالمنا العربي، وإذا ما تم قياس ذلك على المسائل الأخرى لتتضح لنا أننا في حساب الأمم ليس لنا موقع سوى رقم بشري استهلاكي قابل للتصفية بمجرد سحب الاستشاريين والمهندسين وإيقاف الطائرات والسفن الناقلة ليموت النصف ويتقاتل النصف الأخر من أجل لقمة العيش التي عجزنا عن توفيرها.

إذا النمو الاقتصادي ليس في الخصخصة أو الاعتماد على الغير إنما يعتمد على بناء الشخصية الذاتية الخلاقة والبناءة والغيورة على كل متطلبات الأمن الوطني من زراعة وصناعة وتجارة وإدارة ثابتة لا يزعزعها عن واجبها تجاه أمن الوطن أي تعثر سياسي أو خلل اقتصادي خارجي.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"

العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً