العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ

أين اللائحة التنفيذية؟

معاذ المشاري muath.almishari [at] alwasatnews.com

بعد ثلاثين عاما تقريبا من العمل بأنظمة وقرارات الخدمة المدنية، يأتي صدور قانون الخدمة المدنية ليضيف قاعدة تشريعية تحدد أطر التعامل الإداري في وزارات ومؤسسات الدولة، وتصنف واجبات وحقوق العاملين على أساس من التوازن القانوني والترابط الهيكلي بما يضمن تعاون الجهات الإدارية لتنفيذ أحكام القانون، والالتزام بنصوصه من دون محاولة تأويله أو إعادة تفسيره بما يتناسب مع أهواء السلطة التنفيذية، بل والتقيد باختصاص القضاء للفصل في سلامة القرارات الإدارية والتشريعية والتنظيمية، ولكون الشعب مصدر السلطات جميعا فلا يجوز لإحدى السلطات أن تنازع سلطات أخرى بعض اختصاصاتها، إذا اعتقدت أن لها ولاية عامة تفوق ما حدده الدستور لخلق توازن تشريعي بين اختصاص السلطات الثلاث.

ولكي تتمكن الجهات التنفيذية من الانتقال بين مرحلة تطبيق الأنظمة إلى واقع التطور التشريعي بسن قانون الخدمة المدنية فينبغي أولا لهذه الجهات أن تتخلى عن الإرث الأمني الذي رافق تأسيس الدولة المدنية في أجواء أمنية سيئة، ثانيا هناك أمر آخر يتعلق بالموروث النفسي المتقادم للكوادر الإدارية في أجهزة الدولة، والذي لم يستطع عهد الانفتاح النسبي في البحرين من ترويض تلك العقليات المشبعة بأمراض الاستعلاء والعصمة والتسلط، ومازال هؤلاء يتنكرون للدستور وميثاق العمل الوطني والاتفاقات الدولية التي صدقت عليها الحكومة تذرعا واستعانة بأدوات تشريعية قاصرة، أو استجابة لموروثات عقائدية فاسدة يراد الزج بها زورا وإقحامها في صلب العمل الإدراي، ثالثا وما يشكل عقبة في طريق التحديث والتطوير، بروز جبهات استطاعت تسييس العمل الإداري عن طريق الابتزاز والمساومة بواسطة بعض مؤسسات المجتمع المدني مرورا بدعم إحدى الكتل النيابية، فكل ذلك قد ساهم في احتكار عمليات التوظيف والتدريب والترقي والتأديب لصالح أجندة أصبح الحديث عنها من المحرمات التي يعاقب عليها القانون!، رابعا هناك إصرار سافر يتشبث به البعض للعمل على ترقية من تثبت في حقه تهم تتعلق بالفساد الإداري والمالي، والأمثلة كثيرة، فتلك العقلية قد شجعت الكثيرين لمخالفة الأنظمة واللوائح وإفساح المجال للتلاعب في الأموال العامة تحت بنود التدريب والمناقصات والصفقات الكبرى لصالح هذا الطرف أو ذاك، وهناك أمور أخرى قد أدت الى ارتفاع مستوى الفساد في بعض الوزارات ومؤسسات الدولة والتي لم تستطع السلطة التشريعية إيقافها للأسباب المذكورة أعلاه، وجمود بعض مؤسسات المجتمع المدني عند حدود المصالح الضيقة والحسابات غير المعلنة.

عندما صدر قانون الخدمة المدنية في شهر أغسطس/ آب من العام 2006 فقد حدد المشرع فترة انتقالية قدرها ستة شهور يتم خلالها الانتقال من تطبيق أنظمة الخدمة المدنية الى أحكام القانون الجديد، وإصدار اللائحة التنفيذية والقرارات المنفذة للقانون، إلا أن القرار لم يكن رشيدا في هذا الجانب، وأخفقت الحكومة في إصدار اللائحة التنفيذية خلال الفترة الانتقالية، وبذلك نستطيع أن نرصد أول مخالفة حكومية لأحكام هذا القانون، والتي ترتب عليها فراغ تشريعي لم تستطع الأجهزة الحكومية تجاوز سلبياته، بل مازالت إدارات الموارد البشرية تطبق أنظمة الخدمة المدنية وما رافقها من قرارات وتعاميم، وعندما تخطئ تلك الإدارات في تطبيق أحكام هذه الأنظمة تقوم بتصحيح أوضاعها بالتعويل على أحكام القانون الجديد والذي لا يمكن تفعيل أحكامه إلا بإصدار اللائحة التنفيذية.

إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"

العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً