إبتداء فإن الفساد بكل أنواعه موجود في كل أنحاء الوطن العربي والإسلامي وليس محصورا في دولة معينة وإنما تختلف هذه الدول في حجم الفساد الذي يوجد فيها وفي كيفية التعاطي معه من قبل الحكومات والأفراد.
والبحرين واحدة من هذه الدول التي يوجد فيها فساد متنوع بعضه تتم ممارسته علنا والبعض الآخر سرا.
أما ما يمارس سرا فمسئوليته تقع على أصحابه مباشرة ووحدهم دون سواهم وليس من مسئولية المجتمع ملاحقتهم، وإنما الخطورة على المجتمع وعلى ثوابته تأتي من ممارسة الفساد المصادم للدين بصورة معلنة.
البحرين - كما هو معلوم - دولة إسلامية ودستورها ينص صراحة على أنها دولة عربية مسلمة دينها الإسلام، هذا الدستور يضع على مؤسسات الدولة التنفيذية مسئولية تطبيق قواعد الإسلام على كل مؤسسات الدولة وأفرادها لكي لايتصادم دستورها مع ممارسات بعض الناس المعلنة والمصادمة لدستور الدولة.
هذه مقدمة مختصرة ولكن كان لا بد منها للدخول في موضوع اليوم المتعلق بقيام بعض النواب باستنكار بعض الممارسات غير الأخلاقية في البحرين ومطالبتهم بالحد منها أو تغييرها.
النائب جاسم السعيدي أفجعه أن يقدم شابان بحرينيان بالزواج من بعضهما بعضا قرب شجرة تاريخية تقع في جنوب البحرين تعرف باسم «شجرة الحياة».
هذا الزواج - كما فهمت من حديث السعيدي - تم بوضوح وأقام «العريسان» حفل زواج تصاحبه طقوس غريبة قرب تلك الشجرة المباركة!
ولهذا قال عنهما السعيدي: «إنهما يقومان بأفعال مشينة في الأماكن العامة والخاصة» وأكد النائب المحترم أن هذه الحالات التي يمارسها من سماهم الجنس الثالث تتزايد يوما بعد يوم.
مرة أخرى أقول أية حالات زواج رجل بآخر موجودة في دول عربية وخليجية ولكن هذه الدول تحارب هذه الظاهرة بقوة وقد تحكم عليهم بالإعدام إذا ثبت عليهم ذلك وقد حصل هذا فعلا، والمطلوب من البحرين أن لاتكون أقل من غيرها في محاربة هذه الظاهرة المخيفة التي قد تقتلع المجتمع من جذوره وتحدث فيه مصائب لا قبل لهم باحتمالها.
نحن متفقون على أن الإسلام حارب هذه الظاهرة لأنها لا تمارس إلا من أصحاب العقول الشاذة ولهذا جعل عليها عقوبة شديدة تصل الى القتل ولكن حكم الإسلام لا يكفي وحده للقضاء على هذه الظاهرة السيئة بل لابد من تكاتف كل قوى المجتمع، السياسية والثقافية والدينية للقضاء عليها لأن استفحالها سيكون من أهم أدوات القضاء على قوة المجتمع ووحدته.
وفي هذا السياق فإني أود الإشادة بموقف كتلة الأصالة التي اقترح نائبها حمد المهندي بتعدي قانون المسكرات ليكون أشد مما هو عليه، وأكد هذا النائب أن البحرين دولة مسلمة وإسلامها يوجب عليها تغليظ عقوبة شارب الخمر ومستورده أو صانعه.
ربما أجد عذرا للنائب في عدم مطالبته بمنع الخمر نهائيا في وضعها المعلن لأن الإسلام حرمها وهذا باتفاق جميع المذاهب والملل فكيف تبيحها دولة مسلمة؟ لعل النائب رأى أن التدرج في المنع قد يكون أكثر جدوى وأحرى بالقبول والتطبيق على أية حال - وبعيدا عن الدين - فإن مفاسد الخمور لا يمكن إنكارها على الصحة والمجتمع والاقتصاد، فنحن نقرأ كثيرا عن بعض المخمورين الذين يقودون سياراتهم ويرتكبون حوادث قتل وتدمير والكل يعرف تأثير مثل هذه الحوادث على الأفراد والمجتمعات... الدولة تتحمل كل السلبيات التي تنجم عن تعاطي الخمور من دون ضوابط فمستشفياتها تأوي المصابين ومن مسئوليتها معالجتهم، والمعوقون لهم وضع آخر يجب على الدولة تحمله، والفساد الأخلاقي مصاحب في الغالب لمتعاطي الخمور وهكذا نجد أن المسألة لاتقتصر على فرد يتعاطى المسكرات ثم لا شيء بعد ذلك والا لهان الأمر!
الفساد الأخلاقي - بكل صوره - يصادم قيم المجتمع وثقافته ومبادئه، بل هو يصادم القيم التربوية التي يسمعها الطالب في مدرسته وجامعته ومن ثم فإن انتشاره يؤثر على شخصية الشاب وقيمه وبالتالي تتأثر البلاد بأكملها. من الجميل أن يبدأ الأخوة في البحرين في محاصرة كل ظواهر الإنحراف لأنهم بهذا العمل يبدأون أولى الخطوات الإصلاحية في وطنهم.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ