اعتاد البحرينيون منذ زمن طويل على تقبل اختلافاتهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والاثنية من دون خدش أو تماد في فرض رأي دون آخر، إلا أننا اليوم أصبحنا نعيش في وقت التطرف والتشدد الفكري الذي بدأ يطرح عبر وسائل شتى، لكن يبقى علينا واجب المحافظة على ثوابتنا وتقاليدنا المتوارثة.
إن الحرب التي اجتمع فيها السنة والشيعة من قبل نواب مجلسنا الأفاضل بشأن ربيع الثقافة وهي أي - الوحدة - جاءت في غير محلها، لأن الوحدة كنا نتمناها أن تكون جلية في حقب البحرين الماضية التي كانت فيها البلاد تغرق في قيود القهر السياسي، بينما الفكر والتعددية تتنامى يوما بعد يوم، توحدها كلمة واحدة هي الوحدة الوطنية وحدة المطالب لا غير.
للأسف وحدة النواب في بعض الأحيان لا تمثل وحدة الوطن بمختلف فروقاته وألوانه الايديولوجية المتعددة التي كانت ومازالت تشكل نسيج المجتمع البحريني الذي تمثله مجتمعات داخل المجتمع العام وهو ما جعل البحرين على مر الزمن تزخر بتنوع ثقافي يميزها عن باقي دول الخليج، فبينما كان الأولاد والبنات ينخرطون في التعليم في عشرينات القرن الماضي كانت دول الجوار تجلس بناتها قابعات أما في بيوتهن أو خيامهن والقلة من أولادهم من ترسله لتلقي العلم في البحرين أومصر أو لبنان.
عندما تسأل نوابنا الأفاضل ومن معهم الذين دخلوا في حرب مع «الثقافة» فيجيبوك بأن أيا منهم لم يحضر أية فعالية من فعاليات ربيع الثقافة، لكنهم يجادلون ويطلقون الأحكام على هذا الربيع، وكأنهم أوصياء على البحرينيين في اختياراتهم على رغم أن ذلك يناهض مواثيق حقوق الإنسان بشتى أنواعها التي يضربون بها المثل في كل حدث ومناسبة.
الكثير من هؤلاء النواب مشغولون بالبحث عن محاكمات أعادت لنا ما سجلته كتب التاريخ والأسماء الكثيرة ابتداء من المشرق العربي وحتى الغرب الأوروبي، بل إنهم أثاروا جزءا من مشاعر الشارع لرفع كفتهم بحجج مختلفة أغرقت المشهد السياسي بقضايا تقمع حق الاختيار بدلا من أن تلهث وراء تحسين ظروف المواطن الغارق في قضايا لا حل لها لحد الآن.
إن الوحدة على عدم المعرفة بالشيء مصيبة، وربما مصيبتنا هي أن نوقف حال الإبداع والتطور الإنساني، وهو أمر مرفوض لأنه وبصورة واضحة يعتبر تعديا على الحريات العامة وعلى الانفتاح الاجتماعي الذي عرفت به البحرين منذ عقود طويلة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ