العدد 2251 - الإثنين 03 نوفمبر 2008م الموافق 04 ذي القعدة 1429هـ

الحفاظ على أصدقائنا في العالم الإسلامي: لا يتعلق الأمر بعامل الشعور بالسعادة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

صُدِمْت لدى تغطيتي تطورات الأسابيع الأخيرة في الباكستان بعدد الباكستانيين الذين يلقون باللائمة على الولايات المتحدة للتحول المزعج الذي يعاني منه بلدهم. أثناء وقوفهم داخل فندق الماريوت إسلام أباد المدمر في أواخر سبتمبر/ أيلول.

احتفظ بعض الشهود بأكثر ملاحظاتهم مرارة ليس للمفجّرين الانتحاريين وإنما لواشنطن.

قلّة هم الذين يصدقون نظرية المؤامرة الخيالية بأن وكالة الاستخبارات الأميركية كانت وراء عملية التفجير، حتى تبرر المزيد من الغارات داخل الباكستان، بحسب ادعائهم، إلا أن عددا أكبر رأى التفجير على أنه رد الطالبان على هذه الغارات.

لذلك وبحسب هذا المنطق، دفع الباكستانيون مرة أخرى ثمن الأعمال الأميركية التي لا علاقة لها بمصالحهم. لقد كانوا غاضبين بينما يزداد النزاع العسكري في المناطق القبلية بشدة. يشاهد الكثير من الباكستانيين بلدهم ينحدر إلى هاوية حرب يعتقدون أنها من صنع أميركا.

ويُظهِر الوضع في الباكستان الجبل الذي يجب على الرئيس الأميركي المقبل تسلقه في العالم الإسلامي. تواجه أميركا مهمة لا تقتصر على محاربة الإرهابيين وإنما كذلك استعادة جزء أكبر بكثير من السكان الذين ينظرون إلى الولايات المتحدة على أنها تهديد أكبر من الإرهابيين.

تعتقد مجموعة مثيرة للإعجاب متنوعة من المسلمين بمؤامرة غريبة كبيرة ضد الإسلام، تقودها أميركا، تعكف على معاقبة المسلمين على هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001. تعتبر حروب العراق وأفغانستان بالنسبة إليهم أبرز الأمثلة على ذلك. كذلك يتم ذكر «أبو غريب» و»غوانتانامو» وعلاقات أميركا المستمرة مع دكتاتوريات الشرق الأوسط إثباتا على ذلك. وتشكّل الزيادة في الأصولية الإسلامية مشكلة ضخمة، ولكن بالنسبة إلى الكثير من المسلمين فإن السياسة الأميركية وليس المعتقدات الدينية هي التي تدير ذلك الغضب. وهكذا أسمع عن هذا الغضب حتى من أناس نتوقع منهم أن يكونوا حلفاء لنا.

في مصر، هي جميلة إسماعيل، زوجة زعيم المعارضة المعتقل أيمن نور. شجعت إدارة الرئيس بوش زوجها على تحدي الرئيس حسني مبارك العام 2005 في الانتخابات الرئاسية، وهي أول انتخابات شهدت مرشحين متعددين منذ عقود طويلة. ولكن الولايات المتحدة لم تحتجّ حتى بعد أن قام الرئيس مبارك بزجه في السجن بعد ذلك بفترة وجيزة.

عملت جميلة لمدة ثلاث سنوات وبنشاط من أجل إطلاق سراحه، من دون أي مساعدة، بحسب قولها، من جهة المسئولين الأميركيين.

أما في العراق فهو الجرّاح الذي رحّب بالجيش الأميركي بأمل حقيقي. ولكن بعد خمس سنوات من جمع أشلاء ضحايا الحرب، أصبح يلوم أميركا الآن على فشلها في تحقيق الدولة التي كان يصبو إليها والتي وعدت أميركا بها. وهو يصل أحيانا إلى مرحلة الشك في أن الولايات المتحدة خططت للعنف بهدف تبرير وجود عسكري طويل الأمد. هو نجاح الانتشار العسكري الأخير من ذلك الشك، ولكن بالنسبة إليه، فإن موت عشرات الألوف من العراقيين شكّل ثمنا باهظا دفعه أبناء وطنه.

أما في إيران، فهو الزعيم الطلابي المنادي بالديمقراطية، باباك زمانيان، الذي يعرّض حياته للخطر وهو يحارب من أجل حرية على شاكلة الحرية الأميركية في إيران، لكنه لا يريد أية معونة من أميركا. واقع الأمر، بحسب قوله، أن الولايات المتحدة تتسبب بالضرر لقضيته من خلال التهديد بالحرب، التي يعتقد أنها تضر بالمعتدلين في إيران.

هناك تناقض في جذور معظم هذا الاستياء. لدى المسلمين إعجاب بالنظام الأميركي. تظهر الاستطلاعات وبشكل متواصل أن أولويات المسلمين تعكس أولوياتنا: الأسرة والفرص الاقتصادية ونظام سياسي يستطيعون المشاركة فيه. إلا أن الأمر هو أنهم يروننا اليوم نقف في طريق هذه القيم بدلا من تشجيعهم.

والغريب في الأمر أن هذا الشعور من خيبة الظن العميقة توفر بعض الأسباب للأمل، هؤلاء أناس نستطيع الحديث معهم. أناس نستطيع أن نعيدهم إلى جانبنا.

في أواخر شهر سبتمبر الماضي وقّع 34 زعيما أميركيّا من الحكومة والأعمال والمؤسسات الأكاديمية تقريرا ينادي بنوع جديد من المشاركة مع العالم الإسلامي. يوصي التقرير، وعنوانه «تغيير المسار» بالمزيد من المشاركة الدبلوماسية، حتى مع إيران وغيرها من الدول المناوئة، وبالاستثمار الاقتصادي في الدول الإسلامية، بهدف إيجاد فرص عمل للشباب المهمّشين وشجب التعذيب والتزام جديد بسلام إسرائيلي فلسطيني.

الأهم من ذلك كله، يوصي التقرير بالدبلوماسية، وليس القوة العسكرية، كأداة أولية للتعامل مع العالم الإسلامي. ويعكس ذلك التذمر الأساسي الذي سمعته من المسلمين، أنهم يعرفون أميركا، في معظم الحالات، عبر فوهة البندقية.

ولكن هل يجب علينا إذا أن نهتم؟

لا يتعلق الأمر بعامل الشعور بالسعادة، وإنما هو عن دفع مصالح الولايات المتحدة. تعتبر الكثير من أهم أهدافنا في المنطقة، من إبعاد الشباب المسلمين عن الانضمام إلى المجموعات المتطرفة إلى تشجيع الإصلاح السياسي إلى محاربة الطالبان في الباكستان، مستحيلة في غياب الدعم المحلي. وعلى رغم وجود البعض في العالم الإسلامي، الذين لن يكونوا أصدقاء لنا في يوم من الأيام، والذين تعتبر القوة العسكرية ضرورة معهم، مثل زعماء القاعدة الذين ألقي القبض عليهم والذين قمت بمقابلتهم، فإن غالبية المسلمين ليسوا من الأصوليين وإنما بقوا مقتنعين بنوايا أميركا السيئة.

يستطيع هؤلاء أن يكونوا أصدقاءنا ولكنهم يروننا الآن على شكل تهديد وخيبة أمل.

* المراسل الخارجي الرئيسي لأخبار ABC News وهو مؤلف كتاب «ضدنا: الوجه الجديد لأعداء أميركا في العالم الإسلامي»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2251 - الإثنين 03 نوفمبر 2008م الموافق 04 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً