العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ

قيمة قيمهم

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بدأت حياتي العملية كمدير خدمات خارجية في إندونيسيا. أما كل من الصحافيين والدبلوماسيين والعاملين المساعدين هناك، فهم يؤكدون على أن الحكومة المحلية في إندونيسيا «عاجزة وغير كفوءة وفاسدة».

لقد تعرفت على طريقة التفكير ذاتها في دول البلقان وأفغانستان والعراق. وغالبا ما أبدى زملائي ازدراء وتكبرا في البلدان التي يخدمون فيها، ويغفلون أعينهم عن قيم شعوبها ونقاط قوتها، والتي هي بمثابة المفتاح لإعادة بناء المجتمعات ولاسيما بعد وقوع تمردات وحروب أهلية. الخبراء في مجال السياسات الخارجية يصرحون أن البلدان الفقيرة تفتقر لسيادة القانون وإلى مجتمع مدني نابض وإلى إعلام حر والشفافية في الخدمة المدنية وإلى المشاركة السياسية وغيرها من الأمور الكثيرة. ويشكو الموظفون في الوكالات الدولية الكبيرة من أن الأفغان أو العراقيين أو الكينيين «لا يقدرون على التخطيط» و «لا يقدرون على التطبيق». وفي أسوأ حالاته، فإن موقف كهذا يخدم العنصرية والتسلط والجهل، إلا أن هناك تفسيرات أقل شؤما. لقد اعتدت كدبلوماسي على أن أثني على «المذهب الواقعي» إذا ما أرسلت برقيات.

واليوم حيث أعمل لدى مؤسسة غير حكومية أدركت أن المانحين يشجعوننا على إبراز الجوانب السلبية في المجتمعات المحلية. وتعكس انتقاداتنا في الأغلب افتراضاتنا المتعمقة حول المواطنة والإدارة والدولة.

في العادة، الأفغان والعراقيون هم شجعان حقا وطيبون وكرماء وخلاقون وصادقون. ولقد صمدت بنيتهم الاجتماعية قرونا أمام الفقر والإيذاء الأجنبي وأيضا الحروب والإضطهادات، ومكنتهم من التغلب على الصدمات المستحيل تخيلها. إلا أن الاعتراف بذلك يبدو في غاية الرومانسية المحرجة وكأننا نراعي ظروفهم.

إن الفرصة الوحيدة المتوافرة لإعادة بناء مجتمعات مثل: أفغانستان والعراق في ظل التمردات والحروب الأهلية هو من خلال تحديد وتطوير واستغلال البعض من قيمهم. ويبالغ الكثير من الإصلاحيين الدوليين في قوة ونفوذ المساعدة التقنية والشكلية التي يقدمونها.

في الحقيقة، وفي هذا السياق، يمكن للكاريزما أن تكون أكثر كفاءة من البيروقراطية. وينبغي على السياسيين أن يحاولوا فهم بنى القوى المحلية والتعاطف مع الأشياء غير المتوقعة والتي يعتبرها كل شعب جزءا من قيمه. قد يكون هذا غير مريح بالنسبة للمجتمع الدولي. أن يتمكن قائد ما من استعادة الأمن والتسوية ما بين الأطراف المتحاربة وتحديد طموحات الناس، فهو أشبه بدكتاتور أكثر من رئيس أميركي. هذه ليست دعوة للديكتاتورية. فالتقدم الحقيقي لا يتحقق إلا من رغبات وأمنيات الناس غير المحدودة، إذ يجب أن يشمل هذا، في أفغانستان، أفراد يتمتعون بقيم ليبرالية بنفس قدر توفر مجتمعات ريفية محافظة.

ويجب حماية هذه الرغبات من قبل سيطرة دولة تسلطية والمساعدات الأجنبية وتأثيراتها.

يسعى المجتمع الدولي أحيانا إلى تجنب فرض أنظمة أجنبية. ويحاولون جديا إشراك القواعد في رسم أي نظام سياسي. ولكن من السهل أن نعجب ونعزز مجتمع غير مألوف لدينا من الناحية النظرية أكثر منها من الناحية العملية.

أما الجهود المبذولة في بناء الأمة في أفغانستان، فقد فشلت في حل الخلاف على الأرض بين الهزارة والبشتون وطريقة التعامل بينهما والنهج المختلف الذي تتبعه كل جماعة تجاه الأمية وكرامة الأفراد أو التقدم الاقتصادي. قد لا نرحب ببعض الطرق المفاجئة التي يتخطون الأفغان من خلالها الصدمات والاستثمارات والتجارة والتعلم. هذا التنوع يجب ألا يكون أسيرا للحكومة الحالية المركزية، وإنما أن يتم تطويرها على يد نظام اتحادي مرن. إن منهج الإدارة الأميركية لن يخدم كثيرا التجار الأفغان؛ لان هذا المنهج مبني على استخدام الحيل واستغلال الثقة والمجتمع والأزمات.

حس الأفغان القوي للعدالة والمجتمع والمعتقدات الدينية يمكنها أن تدعم وتساند برنامج لمكافحة المخدرات وسيادة القانون والديمقراطية والأمن. ولكن الدوافع الحقيقية وراء التغيير واضحة.

في النهاية، يجب أن نكن احتراما تجاه بلدان مثل: العراق وأفغانستان وأن نضع ثقتنا في قدرتهم بايجاد الحل بأنفسهم.

لا يعني هذا أننا يجب الانسحاب كليا. فإن MBA هارفيرد ستكون أقدر على بناء محطة كهرومائية من محطة محلية. وكما في البوسنة، يمكن للقوات الأجنبية أحيانا أن تنهي حالة حرب. ويمكن لقيمنا الصارمة ونقدنا ومنهجياتنا حتى في العراق أن تعمل على إنشاء بنك مركزي وبالتالي تستقر العملة.

لكن المشكلات المركزية هي وطنية وسياسية. وأصبحت اتهماتنا وعدم رضانا عن فشل الدولة جزء من المشكلة. سيأتي الحل الجذري (للمشكلة في تلك البلدان) من المزايا الطيبة للأفراد المحليين وكذلك من الثقافات التي نسعى لرسم التصورات حولها ونتجاهلها في الوقت ذاته».

*يدير مؤسسة Turquoise Mountain في كابول، صدر كتابه الأخير تحت عنوان: «أمير الأهوار ومخاطر مهنية أخرى لعام في أفغانستان»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً