إن الدول الأخرى وخصوصا أشقاءنا في الخليج عندما يفكرون بجد في تطوير المجال الرياضي فأول ما يقومون به هو تحديث وتطوير البنية التحتية بحلول جذرية بعيدا عن الترقيع والتخدير، عبر الاستراتيجيات المستقبلية الواضحة والمعلومة والأرقام وخطة عمل تمتد إلى سنوات للوصول إلى ما هو مأمول.
فلنسأل ما الذي جعل قطر مثلا تصل لما هي عليه في المجال الرياضي وتتعدى التألق والتفوق المحلي وتقوم بتنظيم البطولات الخارجية بامتياز، وهي تفكر الآن باستضافة بطولة الأولمبياد العالمية بعدما أثبتت نجاحها في استضافة وتنظيم أولمبياد آسيا التي أقيمت حديثا، واستطاعت أن تصل بأحد أبنائها إلى رئاسة اتحاد أكبر القارات في العالم الكروي. من المؤكد أن هناك أساسيات وبناء سليم قامت عليه الشقيقة قطر بعدما كانت تعيش ما نعيشه الآن من دوري كروي متهالك ومن سوء البنية التحتية للأندية والملاعب هناك.
ولكن عندما عزم الاخوان في قطر على ربط الأحزمة وشد الهمم وعقد العزائم على التغيير والتطوير بدأت عملية المسيرة بدراسات عملية وافية وضعت من خلالها الاستراتيجية الواضحة التي تحمل تطوير الرياضة هناك بشكل عام والكرة بشكل خاص.
فقامت الحكومة الموقرة هناك برصد موازنة ضخمة لجميع الأندية من دون استثناء، وحتى تقلب الواضع المر للبنية التحتية وتصل بها إلى النموذجية كما هي عليها الآن من اندية متكاملة المرافق مع ملاعب صالحة للعب عليها بدرجة امتياز وصالات مغلقة متعددة الاغراض فصارت هذه الاندية تعمل وفق الرؤية العلمية المتبعة في تنفيذها.
فتعدى الاتحاد القطري حدوده ليفكر بتطوير دوريه ونقله من حال الجمود إلى الحركة الفعلية عندما تقرر بكل جرأة وشجاعة باقامة دوري المحترفين بموازنة مالية كبيرة رصدت لجميع الاندية لجلب افضل اللاعبين من مختلف بقاع العالم؛ ليصبح دوري قطر من أفضل الدوريات في العالم العربي على اقل تقدير، من خلال المستويات الفنية والمتابعة الإعلامية المتميزة سواء كانت مرئية عبر قناة الكأس والدوري أو حتى الجزيرة الرياضية وأيضا الصحافة الرياضية هناك.
نحن نعتقد أن قطر وصلت إلى هذا المستوى ليس بمحض الصدفة أو عن طريق الترقيع والتخدير الوقتي، بل جاء النجاح الباهر بعد دراسة علمية وفية وضعت فيها الاحتياجات الأساسية لبناء مستقبل زاهر للرياضة هناك، فشاركت الحكومة في تطوير البنية التحتية بالمساندة المالية الضخمة وانتشلت الأندية من واقعها المر.
التجربة القطرية غنية بالدراسات العلمية التي قامت عليها للوصول إلى هذا النجاح الكبير، ولا ضير من ان نأخذ منها النقاط الأساسية التي قادت قطر إلى النجاح وتطبيقها في البحرين، ولكن بشرط واحد، فمن دونه لا يمكن الاعتماد على الامور الأخرى للوصول إلى النجاح، وهو إشراك الحكومة الموقرة في البحرين بالمساندة المالية كما فعلت حكومة قطر في تطوير وتغيير البنية التحتية هناك.
وبغير ذلك لا نتعب انفسنا ولا نرهقها في الحلول الترقيعية هنا وهناك، فلن نصل إلى درجة النجاح مطلقا مادام الوضع كما هو عليه الآن، فهل يعقل لناد في البحرين تأسس في العام 1936 أي بعد مرور 71 عاما ومبناه لا يتغير الا بالترميم البسيط إلى يومك هذا، ومن دون ان نرى بوادر عملية لتغيير هذا الواقع المر.
نحن نسأل كم عدد الاندية التي مرت عليها هذه السنوات الطويلة ومقرها متهالك وآيل للسقوط، ثم نطالبها بالمنافسة الخارجية وهي لا تملك ابسط المستلزمات في انديتها.
إلى متى سيظل هذا الوضع المأسوي؟ ومتى يأتي الفرج لكي نرى انديتنا كما هو الحال في قطر وعمان، إذ سبقناهما لسنوات غير قصيرة في تأسيس الاتحادات الرياضية والاندية المحلية. اذا ماذا ننتظر لكي نواكب العصر التكنولوجي في بناء الاندية النموذجية؟ نحن في انتظار قرار من القيادة السياسية في البلد بتخصيص موازنة متكاملة وعاجلة لجميع الاندية من دون استثناء، تشمل كل الامور المهمة في بناء بنية تحتية ناجحة لكي نكون بعدها نحمل الطموح المشروع لنفكر بجدية بآمال الفوز ببطولات الخليج الكروية والعودة بكأس آسيا والتأهل لكأس العالم، وغير ذلك فلنفكر أولا بتغيير حالنا الرياضي المعاش وكيفية تطويره.
هذا التأخير في الحلول الجذرية لبناء البنية التحتية بشكل علمي يقود إلى الفشل في جميع المجالات وليس فقط الجانب الرياضي، وحتى الدور الاعلامي الرياضي وخصوصا الاعلام المرئي الذي هو الآخر متأخر بل متخلف عن الركب بعشرات السنوات من خلال الحال المتردية التي تعيشها القناة الرياضية، والتي نأمل ان يتغير حالها مع الرئاسة الجديدة التي اوكلت مهماتها للرياضي أحمد عاشور، ونحن في انتظار تطويرها ولكن بشرط ان توفر له الامكانات المادية والمعنوية والبشرية والمستلزمات الاساسية لتطوير القناة، وبغير ذلك فلا نفكر ابدا في التطوير والوصول إلى النجاح.
أخيرا، نطالب الجمعيات العمومية في كل الاتحادات الرياضية المحلية ان تعقد اجتماعا استثنائيا وطارئا فيما بينها، بالاتفاق مع المؤسسة العامة للشباب والرياضة ورفع التوصيات العاجلة إلى المجلس الاعلى للشباب والرياضة وحثه على التحرك عاجلا لرفع الدراسات العلمية والعملية لتطوير البنية التحتية إلى الحكومة الموقرة، ولا يجوز في مثل هذه الظروف الصعبة ان نفكر في تحقيق انجازات، وان تحققت لوقت من الزمن فلأننا كنا نملك الإرادة في العنصر البشري المخلص لوطنه والمحب لتربته، ولكن لا يجوز ان نظل على هذا الوضع الترقيعي بامكانات متهالكة وضعيفة.
ونحن على ثقة تامة بشخص سمو ولي العهد في ان ينظر بعين الاهتمام لهذه الامور، ويتحرك سريعا لانقاذ ما يمكن انقاذه، وتحقيق الامنيات التي طالما انتظرناها طويلا.
إقرأ أيضا لـ "هادي الموسوي"العدد 1655 - الأحد 18 مارس 2007م الموافق 28 صفر 1428هـ