أثار إعلان شركة هاليبيرتون الأميركية للخدمات النفطية، عن نيتها نقل إدارة عملياتها في نصف العالم الشرقي من مدينة هيوستن الأميركية إلى إمارة دبي، بما في ذلك إمكان طرح أسهم الشركة في بعض البورصات الخليجية المحلية، زوبعة إعلامية وسياسية في صفوف الكثير من المؤسسات الأميركية.
وجاء الإعلان عن قرار الشركة بشكل رسمي على لسان مديرها، في مؤتمر للطاقة استضافته مملكة البحرين، وضع خلاله القرار في سياق خطة الشركة لتمتين العلاقات مع شركات النفط، وزبائن هذه السوق في القسم الشرقي من العالم. من جهته دعا مسئول من مكتب الشئون الخارجية في مؤسسة الإمارات العامة للنفط بدبي، إلى وجوب القيام بقراءة اقتصادية بعيدة عن التسييس لهذه الخطوة، معتبرا أن السوق الإماراتية سوق مفتوحة، ويسمح لجميع الشركات بالعمل من دون قيود.
أبرز ردود الفعل جاءت من الكونغرس، فقد هدد أعضاء بعقد جلسة استماع خاصة لمناقشة قرار شركة هاليبيرتون نقل مقرها إلى دبي، فيما اتهم أعضاء آخرون الشركة النفطية العملاقة بالسعي إلى التهرب من الضرائب، واصفين قرارها بأنه «إهانة» لجيش الولايات المتحدة وشعبها.
كما كانت للقرار انعكاسات أخرى، كشف عنها بعض المسئولين الأميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولمحوا إلى «المخاطر الأمنية» المرافقة لهذه الخطوة، بسبب طبيعة العقود التي تربط الشركة بوزارة الدفاع الأميركية، وخصوصا في العراق وما قد تحمله الشركة معها من «معلومات حساسة.» فقد وصف السيناتور الديمقراطي، باتريك ليهي القرار بأنه «مثال واضح لأسوأ أنواع الفساد الجشع». أما ليهي، الذي يرأس لجنة قضائية في الكونغرس، فاعتبر القرار «إهانة لجنود الجيش الأميركي ولدافعي الضرائب، الذين سددوا فاتورة عقود التراضي التي حصلت عليها الشركة، وتحملوا كلفتها الزائدة طوال تلك السنوات» في إشارة منه إلى فضيحة عقود العراق التي طالت «هاليبيرتون».
وأضاف السيناتور «يريدون أن يحصدوا أرباحهم بالدولار، وفي الوقت نفسه، يحاولون تجنّب دفع الضرائب لحكومة الولايات المتحدة».
وكان عدد من خبراء المال الأميركيين، لفتوا إلى أن قرار الشركة بالانتقال إلى دبي التي تعتبر إحدى «الجنات الضريبية» العالمية، سيوفّر عليها مئات ملايين الدولارات من أموال الضرائب التي تدفعها في أميركا.
فيما طالب البعض الآخر بتطبيق معايير التعاقد مع الشركات الأجنبية على «هاليبيرتون»، مذكّرين بالنموذج الذي طبق إزاء شركات مثل «موانئ دبي» عندما رغبت في الحصول على عقود أميركية.
غير أن الأصوات المعترضة على قرار الشركة، لم تقتصر على الحزب الديمقراطي، بل اندفع عدد من كبار نواب الحزب الجمهوري إلى التعليق على الخطوة، إذ هدد رئيس هيئة التخطيط والإصلاح في الكونغرس، السيناتور هنري واكسمن، بعقد جلسة استماع لمناقشة القرار.
وقال السيناتور الجمهوري إن هذه الخطوة «تشكل تطورا مفاجئا، مطالبا بكشف تداعيات انتقال مقر الشركة «على دافعي الضرائب الأميركيين وعلى الأمن القومي للبلاد».
أما السيناتور الديمقراطي تشاك شومر فقد قال إن «قيام أكبر المتعاقدين مع حكومة الولايات المتحدة بنقل مقرها إلى خارج البلاد لا يبدو سليما... هناك رائحة غير طيبة».
وتفاوتت تقديرات المراقبين لدوافع الشركة، بين المغريات المالية والاستثمارية للمنطقة، وبين الحوافز السياسية، وخصوصا أن «هاليبيرتون»، التي سبق وترأسها ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي جورج بوش، كانت عرضة لسلسلة من التحقيقات التي قادها الكونغرس، على خلفية الحصول على عقود إعمار بصورة غير مشروعة في العراق.
استطاعت الشركة التي رأسها نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني سابقا أن تكسب عقود مقاولة عسكرية بلغت قيمتها أكثر من 600 مليون دولار لإعادة بناء أفغانستان والعراق، وحاليا يحتمل أن تكسب المزيد من المليارات من دون الدخول في منافسة أو مناقصة مع شركات أخرى.
يذكر أن الشركة كانت عرضة لتحقيقات فدرالية مطولة، بسبب شبهات حامت بشأن حصولها على عقود إعمار بالتراضي في العراق، بسبب علاقاتها بالإدارة الأميركية. يشار الى أن شركة هاليبيرتون حققت العام 2006، ربحا وصل إلى 22.6 مليار دولار، إذ كانت أرباحها الصافية منها أكثر من 2.3 مليار، علما بأن الخدمات النفطية في الشرق شكلت نحو 38 في المئة من عائدات الشركة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1655 - الأحد 18 مارس 2007م الموافق 28 صفر 1428هـ