العدد 1655 - الأحد 18 مارس 2007م الموافق 28 صفر 1428هـ

دعوة لإنشاء سوق ثانوية لطروحات الأسهم الأولية

طالب مصرفي المستثمرين بالتركيز على الجودة في تداولاتهم في أسوق الأوراق المالية بدلا من حجم الأسهم التي يمكنهم الحصول عليها، ودعاهم إلى اليقظة في ضوء التغييرات الهيكلية في الأسواق الدولية لأن حركة الأسهم في الوقت الحاضر في دول الخليج العربية تعكس حركة القطاعات المالية السابقة في وول ستريت والدول الآسيوية.

كما دعا إلى إنشاء سوق ثانية تسجل فيها طروحات الأسهم الأولية من قبل الشركات والمؤسسات المالية وكذلك الشركات الضعيفة حتى تتم معالجة أوضاعها وعدم اتخاذ أسواق الأوراق المالية الرئيسية «دور حضانة» وخصوصا أن أسواق المنطقة تعتبر في وضع أفضل جاذبية من أسواق الهند والصين.

وقال الاقتصادي في بنك نومورا الياباني طارق فضل الله إن بحرا من السيولة مثل التي تنعم بها منطقة الخليج في الوقت الحاضر قد ترفع السفن (الشركات) على المدى القصير ولكن البعض في النهاية قد يغرق إما بسبب وجود ثقوب أو سيتم تحطيمها من قبل المنافسة الناشئة، وأما المستثمرون الذين تضرروا بشدة في السابق فإن طرق التحسن تحتاج إلى أموال تقود البحث عن شركات لديها استراتيجيات قوية وإدارة للجودة ودخل مستمر.

وتحدث عن أسواق المنطقة فقال إن من الأمور التي افتتنت بها أسواق الأسهم في دول الخليج العربية خلال السنوات القليلة الماضية هي بالضبط كيف كانت تعكس حركة القطاعات السابقة من البحر الجنوبي إلى وول ستريت وإن جهود المعلقين الإقليميين بسبب التعديل الأخير من التصحيحات السابقة عن طريق الاعتماد على النمو الاقتصادي المتسارع والسيولة الوفيرة قضي عليها من قبل التاريخ ولكن حركة البيع في السوق أصبحت كثيفة نتيجة لارتفاع فني.

وذكر المصرفي المخضرم «في الحقيقة فإن مؤشر الأسهم لامس بنجاح مستواه المنخفض في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول وأنه زاد عن معدل متوسط 50 يوما من التداول. وليس هناك داع للقول بأن المستثمرين الذين تأثروا سيرحبون بالتأجيل ولكن عليهم أن يظلوا يقظين في ضوء المتغيرات الهيكلية التي يمكن أن تحجب مستقبل أسواق الأسهم».

وأضاف «ان التراجع في شروط السيولة الوفيرة وكره المخاطر ستساعد بالتأكيد ولكن الأمر المهم ليس فقط ثقة المستثمرين أو تحسين الأنظمة ولكن إلى أي مدى يمكن للشركات تخطي المنافسة النشطة وتحقيق أرباح نامية، إذ إن القلق هو أن شركات كثيرة في هذا العقد لاتزال تعمل على أساس استراتيجيات تم تطويرها للقرن العشرين وقد تكون الأرباح في اتجاه متصاعد ولكن ليس هناك وقت للرضا».

وأوضح انه بالنسبة إلى إجراءات التقييم التقليدية فإن قيمة أسواق دول الخليج العربية ومن ضمنها مؤشر السعودية «التداول» عادت إلى عائلة الأسواق الدولية. ويظهر مؤشر أسعار الفائدة أن الأسواق الإقليمية هي الآن أكثر جذبا من الهند والصين حتى مع عمليات البيع التي جرت في الآونة الأخيرة في هذه الأسواق الآسيوية، وقد تقدم الأسواق العربية احتمالات لخطوط دفاع إلى المستثمرين العالميين، وأن القيمة قد تتحسن هذا العام إذا صحت التوقعات بتراجع أسعار الفائدة وتم تحقيق إرباح متوسطة».

وأضاف «في الماضي كان التركيز الكبير على الحجم بدلا من الجودة في أسواق الأسهم، وعلى سبيل المثال فإن حجم أسهم المضاربة الذي زاد على الدخل هي لشركات كبيرة بينما المستثمرون مشغولون بحجم الأرباح بدلا من مصادرها. غير أن ملاك الأسهم أصبحوا على اطلاع بشأن الحاجة لوضع مشترياتهم في الأسهم الرئيسية بعد عدم الرضا عن الكثير من الشركات ومن ضمنها شركات مالية إقليمية وشركات زراعة من المملكة العربية السعودية.

وقال: «علاوة على ذلك وبعد الانتقادات التي وجهت إلى هيئات تنظيم أسواق المال الإقليمية خلال العامين الماضيين من المهم الاعتراف بحدوث تقدم في هذا الاتجاه في الأشهر القليلة الماضية فقد قوت دولة الإمارات العربية المتحدة المحاسبين لتحسين الحسابات وطلبت شركة الأوراق المالية لأبوظبي من الشركات الإعلان عن دخلها خلال اجتماع في مقرها بهدف تقليل المخاطر المنتشرة».

وأضاف «كما أعلنت هيئات الرقابة السعودية اسم مضارب في شهر ديسمبر وطلبت منه دفع 24 مليون دولار وفرضت عليه غرامة تبلغ 640 ألف دولار بسبب صفقات محتالة. كما تم تحذير شركة مسجلة في سوق البحرين للأوراق المالية وكذلك شركة استثمارية بسبب الكشف عن معلومات تتعلق بالأسهم. وكالة الإمارات للأسهم والسلع غرمت أربع شركات الشهر الماضي بسبب التأخر عن نشر نتائج الربع الرابع»، وأضاف «على رغم أن الغرامات صغيرة لكن تم تحذير الناس وأن الشركات التي أعلن عنها بالتأكيد لا ترغب في يكون اسمها ملصقا بذلك مرة ثانية. قد ينظر إلى هذه الإجراءات بأنها متوسطة قياسا بالمستويات الدولية ولكن من المؤكد أن هناك الكثير من الأمور التي يمكن اتخاذها ولكن هذه لا يمكن أن يذهب من دون الاعتراف والأخذ في الاعتبار كيف كانت الحال في المدة الماضية القصيرة».

الطروحات الأولية للأسهم «IPOs»

وتطرق إلى الطروحات الأولية للأسهم التي تقوم بها الشركات والمؤسسات المالية والتي زادت بقوة خلال العامين الماضيين نتيجة لوفرة السيولة في المنطقة فقال: «أمر واحد يحتاج النظر إليه وهو عملية الطروحات الأولية للأسهم التي تدر الكثير من عروض الأسهم وكذلك الكثير من الشركات للتسجيل في البورصات. من المفترض أن لا يتم استخدام الأسواق كدور حضانة لمشروعات رأس المال الجريء حتى لو تأكدت بدراسات ودعمت من قبل ملاك أسهم معروفين».

وأقترح «أن تسجل الطروحات الأولية للأسهم في سوق ثانوية مع أي شركة تحقق مستويات غير مرضية في الحوكمة حتى يتم تعديل وضعها»، وقال إن حماية المستثمرين يجب أن تكون من الاعتبارات الرئيسية وعلى هيئات التنظيم أن تضع مقياسا للشركات الجديدة والشركات الضعيفة لكي تصل إليه قبل أن يتم تسجيلها في أسواق الأسهم الرئيسية.

السيولة في المنطقة

وذكر فضل الله أن «السيولة» يتم استخدامها لوصف الزيادة في الأموال النقدية وأيضا في قيمة الموجودات مثل العقارات والأسهم، وأنه وفقا لبعض الحسابات فإن سيولة القطاع الخاص ضعفت خلال السنة الماضية إذ أدى تراجع أسعار الأسهم وتمويل قطاع العقارات إلى وضع حد لنشاك الإقراض من قبل المصارف والمؤسسات المالية.

وقال فضل الله: «يبدو أن قلة النقد استمر وهذا يظهر في نسبة 19.1 في المئة زيادة موجودات المصارف في دولة الإمارات العربية المتحدة من 173.6 مليار دولار إلى 206.9 مليارات دولار من شهر ديسمبر العام 2005 إلى شهر سبتمبر/ أيلول 2006 وأن الأرقام التي صدرت من مصادر أخرى ومن ضمنها مؤسسة النقد العربي السعودي أظهرت كذلك ان عروض النقد والنقد الآخر ارتفعت إذ صعد بنسبة 19.3 في المئة العام الماضي».

وأضاف «كان معدل النمو السنوي في الإيداعات المحلية العام الماضي هائلا إذ بلغ 36.7 في المئة وأن عدم وجود مصادر استثمارية مغرية هي مشكلة التي قد تزيد من مشكلة أسعار الموجودات المحلية إذ إن السيولة التي لا يمكنها الانتظار قد تغادر إلى موجودات مالية عالمية وفي المملكة العربية السعودية إذ إن الربح من قطاع العقارات خارج مكة والمدينة متواضع قياسا بالمستويات الإقليمية هناك من تطور المضاربات الشديدة قبل تطبيق «قانون الرهن» والذي قد يشعل قطاع بناء المساكن».

ومضى يقول «بسبب توافر السيولة وتراجع أسعار الأسهم فقد يستخلص إلى أنها ستتحسن بقوة ما عدا بعض مرتفعات الطرق التي تحتاج إلى الدخول إليها بحذر».

كمل ذكر أن المصارف هي أكبر قطاع مسجل في المنطقة وتمثل نحو ثلث القيمة السوقية لمؤشر «التداول» السعودي وبقيمة تظهر مناسبة مقابل المؤسسات المالية في الاقتصاديات الناشئة وأن الأرباح الكبيرة التي يتم الحصول عليها من الودائع من دون فائدة والآفاق الواسعة للحصول على دخل إضافي من بيع التكافل ومنتجات الرهن العقاري تقترح أن هناك مجالا لارتفاع القيمة.

وشرح فضل الله بعض الأمور على المحللين النظر إليها ومن ضمنها:

- إن أسعار الفائدة قد تنخفض في النصف الثاني من العام.

- رسوم الوسطاء ارتفعت خلال العام الماضي حيث نمت قيمة التداول على مؤشر السعودية «التداول» بنسبة 27.1 في المئة إلى 1.4 تريليون دولار ولكن هذه الأرقام من غير المنتظر أن تعود مرة ثانية.

- موجودات صناديق الأسهم التي تديرها المصارف يقدر أنها تراجعت إلى 30 مليار ريال سعودي عن مستواها العالي البالغ 100 مليار ريال وأن رسوم مديري الصناديق ستتراجع.

- التحرر المالي وارتفاع عدد المشاركين زاد من المنافسة وان المصارف التجارية في حاجة لكي تناضل مع شركات الاستثمار الجديدة.

- ارتفاع أسعار الفائدة الشهر الماضي والتوقف عن إصدار تصاريح جديدة للمصارف قد يعطي بعض الوقت ولكن هذا لا يمثل سوى إرجاء قصير الأمد.

وذكر المصرفي ان الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) تمثل نحو ثلث مؤشر التداول وأن اعتمادها على الاقتصاد المحلي في المملكة العربية السعودية ضعيف «فهي حساسة للتطورات الاقتصادية التي تجري في بكين عوضا عن الرياض وأن الأدهى من ذلك هو أن أسهم نحو 73 شركة موزعة على خمسة قطاعات لديها أقل قيمة سوقية من سابك».

وتطرق إلى أمور حساسة فذكر ان كلفة المعيشة أصبحت أمرا حساسا ولأسباب قيمة من ضمنها الزيادة في أسعار السلع والمنازل وإيجارات المكاتب والعمال المهرة، حتى في المملكة العربية السعودية التي كانت بعيدة إلى حد ما عن التضخم فإن الأسعار بدأت في الصعود إذ كانت نسبة الزيادة السنوية 2.9 في المئة مخالفة بشدة الزيادة البالغة سبعة في المئة في السنة السابقة.

وذكر «ان التضخم الإقليمي يرجع جزء منه إلى ضعف الدولار الأميركي ولكن يعزى معظم ذلك إلى الزيادة في نفقات الإنتاج وخصوصا الأراضي والعمال». وتظهر دراسة أن استئجار المكاتب في دبي تبلغ 79.93 دولارا للقدم وهو أقل بقليل عن 81.93 دولارا في منهاتن. وأظهرت دراسة أخرى أن التأخير في بعض المشروعات سيرفع الإيجارات بحدة إلى 40 في المئة خلال العامين المقبلين.

كما صعدت معاشات العمال في القطاع الخاص في طول المنطقة وأن عمال القطاع العام في دبي والمملكة العربية السعودية حصلوا على زيادة في المعاشات تبلغ أكثر من 10 في المئة (double digit) خلال العام الماضي.

وذكر ان نفقات الاعمار في دولة الإمارات العربية المتحدة قد ترتفع 20 في المئة هذا العام بينما تأخرت خطط الكويت لبناء مصفاة بقيمة 6.4 مليارات دولار بسبب تقديرات الكلفة للمشروع التي تبلغ نحو الضعف. كما تخلت شركة اكسون موبايل عن خطط لتحويل الغاز إلى سائل في قطر بسبب ارتفاع النفقات. وهناك أمثلة عدة.

وتوقعت دراسات أن يبلغ التضخم في العام 2007 نحو 10 في المئة في الإمارات وثمانية في المئة في قطر ما يضعف من قيمة الدرهم الإماراتي والريال القطري.

وكان فضل الله قد ذكر ان أسواق الأسهم العربية وقعت في عمليات بيع حلزونية غير مستساغة مسببة رعبا لدى الدوائر السياسية ويأسا للمستثمرين العاديين بعد الهبوط الحاد في أسعار الأسهم في المنطقة وتوقع أن تنعكس الآثار على نتائج الشركات والمؤسسات المالية في النصف الثاني من العام الجاري بعد تصاعد حاد خلال العامين الماضيين.

وأضاف «بعد هبوط الأسواق بحدة فإن الأسعار ليست فوق قيمتها بشدة وهي كذلك ليس أقل من قيمتها ما يتركها في وضع «ليست أرض الرجل» اذ يمكن أن تصعد أو تهبط خلال الفترة المقبلة.

وحققت الشركات والمؤسسات المالية من ضمنها المصارف أرباحا طائلة من عملياتها خلال العامين الماضيين والربع الأول من العام الجاري مستغلة الازدهار الاقتصادي الذي يسود المنطقة العربية ولكن ينتظر أن تتراجع أرباح هذه الشركات وخصوصا بعد ارتفاع أسعار الفائدة العالمية على الودائع.

وذكر الخبير الاقتصادي الذي حذر مطلع العام الجاري من كارثة في الأسواق بسبب الإفراط في القيمة «يبدو أن السوق السعودية في المرحلة الأولية من الفترة التصحيحية قد تنخفض أكثر من مستوياتها الحالية في غياب جهود المتدخلين لتأخير الضبط المناسب. أما سوق الإمارات فيبدو أن عمليات البيع تمت بما فيه الكفاية وقد تساعد على ارتفاع فني على رغم أن على المستثمرين الوقوف ضد محاولات لعب دور لتوجه ارتفاع الأسعار».

وتوقع فضل الله أن يتحول من الحجم إلى جودة دخل الشركات تقودها الشركات الكبيرة المستعدة للتكيف وصغار رواد الأعمال المستعدون للإبداع، وإن اندماج الاقتصاديات الإقليمية في الاقتصاد العالمي قد يأخذ وقتا أكبر مما كان متوقعا ولكن تقييم الشركات بمستوياتها الحالية من الربح سيكون غير حكيم.

العدد 1655 - الأحد 18 مارس 2007م الموافق 28 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً