نتابع سياسة الإدارة الأميركية في المنطقة العربية والإسلامية، ونلاحظ أنها خططت ولاتزال تخطط لإيجاد حالة من الفوضى في العالمين العربي والإسلامي، ولاسيما في إشعالهما بالمسألة المذهبية التي تطورت في بعض المواقع من خلال التكفيريين إلى أن يقتل المسلم المسلم وإلى أن يدمّروا الواقع الإسلامي كله، ولاحظنا كيف أن أميركا التي قد تعلن بين وقت وآخر أنها ضد التكفيريين ولكنها في جانب آخر نراها تمنحهم الضوء الأخضر للعبث بالواقع الإسلامي ولاسيما في العراق.
إن أميركا عملت على إثارة الفتنة المذهبية في لبنان، في الوقت الذي لم يعرف اللبنانيون في تاريخهم أية تعقيدات سنيّة - شيعية، لأن الإدارة الأميركية تريد أن تجعل من الساحة اللبنانية ساحة للاهتزاز الأمني والعبث السياسي لخدمة مصالحها في اعتبار لبنان بلدا يضغط من خلال الأوضاع القلقة في داخله على سورية وإيران، لتأكيد المصلحة الإسرائيلية في ذلك كله... ونلاحظ كيف أن الإدارة الأميركية عملت ولاتزال تعمل على تحويل المسألة السياسية، في تعقيدات الواقع السياسي بين إيران وأميركا، إلى مسألة مذهبية، للإيحاء بأن إيران تخطط وتعمل لإثارة المسألة الشيعية في الواقع السنّي بعنوان «تشييع السنّة»، ونحن نعلم أن ذلك ليس له أي أساس على مستوى الظاهرة في العالم الإسلامي.
إننا إذ نقدّر مبادرة الجمهورية الإسلامية في إيران باللقاء مع المملكة العربية السعودية على مستوى القيادات، من أجل العمل على أساس إغلاق هذا الملف بطريقة وبأخرى، ولكن أميركا لاتزال تعمل في اتجاه تعقيد العلاقات الإسلامية والعربية، وقد خلقت دائرة أخرى للتعقيد وهي دائرة التطرف والاعتدال، في تصنيف بعض الأنظمة بأنها معتدلة والأخرى متطرفة، لكي تخلق وضعا سياسيا معينا يتحرك فيه من تسمّيهم المعتدلون للانفتاح على «إسرائيل»، ليكون الفريق الآخر الذي تقوده إيران وسورية في خط التطرف.
تعمل أميركا على خلخلة الواقع السياسي والأمني في العالمين العربي والإسلامي، لأن الخطة الأميركية، التي تقودها الإدارة الحالية من خلال الرئيس بوش والمحافظون الجدد، تعمل على تدمير الإسلام وإسقاط كل مواقعه على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني.
كما أن مسألة المسجد الأقصى لاتزال من المسائل التي تحاول «إسرائيل» أن تستغل فيها هذا الضعف السياسي للعالم العربي وبعض العالم الإسلامي، حتى تستطيع أن تحوّل المسجد الأقصى، إذا لم تتمكن من هدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، إلى ساحة مشتركة بين اليهود والمسلمين، وهذا ما فعلته عندما صادرت حائط البراق وحوّلته إلى حائط مبكى يزوره اليهود من أجل تلاوة صلواتهم.
على العالم الإسلامي كله أن يستنفر كل طاقاته في العمل للضغط على أميركا وأوروبا، لتضغطا على «إسرائيل» ومنعها من القيام بهذه الجريمة الكبرى التي إذا ما نجحت فإنها ستُسقط عنفوان العالم الإسلامي، ولن يقيم له أحد أي وزن بعد ذلك، لأن الذي لا يحترم مقدّساته لن يكون محلا للاحترام من الجميع.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 1654 - السبت 17 مارس 2007م الموافق 27 صفر 1428هـ