العدد 1653 - الجمعة 16 مارس 2007م الموافق 26 صفر 1428هـ

هؤلاء... خطرون

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

لا تقف مسألة التحقيق في مهرجان ربيع الثقافة عند الحدود الاعتيادية لما ألفناه مسبقا من ضغوط دينية أو نيابية أو حتى اجتماعية تجاه أي من فعاليات البحرين ذات العلاقة بقطاعي «الثقافة»و«الفنون». لكنها - دعاوى التحقيق - تعتبر فرصة مناسبة للاستعراض الذي يبحث المستعرضون من ورائه إلى تأكيد سطوتهم الكهنوتية، والتي ستأتي من وراءها على البحرين تبعات وتبعات.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يحاربون الثقافة فحسب، بل لأنهم في الوقت الذي يجعلون فيه من البحرين مكانا آمنا للمطلوبين في مصر والولايات المتحدة بقضايا الإرهاب هاهم يحاولون صناعة حاكمية اجتماعية جديدة لدينا. وهي حاكميتهم الاجتماعية وحدهم من بين شتى الحاكميات الأخرى، والتي تعودت على التجاور والتصالح في البحرين دون أن تطغى واحدة منها على أخرى.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يحاولون تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يزايدن أحدٌ على الأخر في الدين. بل لأنهم يسيرون بالبحرين نحو مفهوم «الإمارة الإسلامية» التي شربوا حليبها في طفولتهم وفق نظام تعليم إسكولاستيكي خرف.

نحن في البحرين لسنا في ولاية أو إمارة، إن هي إلا مملكة دستورية، فمن أراد البقاء فليبقى، ومن أراد الرحيل فليرحل.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يخافون من هدر المال العام في فعاليات ثقافية كما يدعون، فهم أنفسهم قبل أشهر من الآن من فُضِحَ أمرهم إذ كانوا يرصدون الملايين من الدنانير في مشروعات «إقصائية» ضد الوطن نفسه. فالمال في حساباتهم المجنونة ممنهج لمشاريع السيطرة والتحكم بالبلاد والعباد.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم ينتقدون مؤسسات الثقافة في البحرين، بل لأنهم لا يتجرأون على مؤسسة ما بالنقد والمهاجمة إلا أن تكون طموحاتهم قد تمت سلسلتها لتنتهي بالسيطرة على ما يهاجمونه من مؤسسات. وإذا ما دخل هؤلاء لمؤسسات الثقافة في البحرين أو سيطروا على زمام الأمور فيها فإن أسطورة في ثقافة الرجعية والتخلف في البحرين ستبدأ معهم.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم ينتقدون الفنان مارسيل خليفة أو الشاعر قاسم حداد أو المفكر محمد أركون فحسب، فحرية النقد مكفولة. بل لأنهم يسعون إلى أسطرة مفكريّ الظلاميّة والرجعيّة في البحرين والوطن العربي أملاَ في إتمام عملية التغليف وصناعة الجهل المؤسساتي، بتعبير محمد أركون.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يمسكون بزمام المبادرة نيابيا بدعوى الأغلبية. بل لأنهم لا يدركون حقوق «الآخر المختلف». فهم أحاديون واحديون، لا يقيمون للإختلاف أي اعتبار، فإما أن تكون معهم أو أن تدفع - صاغرا -مقررات الجزية. ولعمري تبدو جزية الثقافة باهضة، تقترب أن تساوي شعبا بأكمله.

هؤلاء خطرون، لا لأنهم يمسكون بحق التأويل والإفتاء وتأطير المجتمع البحرين تحت دعاوى الأخلاقوية المتأخر بل لأنهم - أنفسهم - أكبر خارق للأخلاق وشتى مقتضيات الأنسنة. هم يشترون كل شيء، ذمم الناس، أصواتهم، وحتى كراماتهم التي لا يقيمون لها وزنا إن لم تكن وفق أجنداتهم السريّة.

هؤلاء لن ينجحوا، فالبحرينيون الذين قدموا للبحرين أنفسهم وأيامهم قادرون على التصدي لدعاوى الانزياح للوراء، قادرون على تقبل المزيد والمزيد من أعداء الإنسانية والثقافة، فهم أهلها، والأولى بها. وإن كان للشر جولة ينتصر فيها، فإن للخير والحب والإنسانية الحقة جولات.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1653 - الجمعة 16 مارس 2007م الموافق 26 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً