يزور هذا الأسبوع سمو ولي العهد الهند ويفتتح سفارة البحرين ويستكمل اتفاقات بين البلدين ويلتقي بأصحاب الأعمال والشركات بهدف فتح الأبواب للاستفادة من التجربة الهندية في التنمية الاقتصادية. فالهند الآن تلحق الصين بسرعة في نموها، مع فارق بين البلدين، ذلك أن الهند تعتبر بلدا ديمقراطيا تعدديا، بينما مازالت الصين محكومة بمركزية تابعة للحزب الشيوعي. ومن دون شك، فإن صعود الهند المتسارع في السنوات الأخيرة ألغى الفكرة التي كان يتداولها البعض من الدول الشرقية، يجب أن تنفتح اقتصاديا فقط، وأن الصين وسنغافورة أثبتتا أن وضع الاقتصاد أولا وأحكام السيطرة على المجتمع سياسيا يتناسب أكثر مع الثقافة الشرقية.
تأتي الهند لتلغي هذه الفكرة من الأساس ولتقول لكل العالم إن الديمقراطية ليست عائقا للنمو المتواصل في الاقتصاد، بل على العكس من ذلك. فالنمو الهندي خلال خمس سنوات حقق ما تصبو إليه الصين في عشر سنوات، بمعنى آخر، فإن التنمية الهندية أسرع، على رغم الضجيج السياسي الذي تعرف به الهند.
الهند مجتمع متنوع الثقافات والديانات، وكان في الماضي يتشكل من 565 مملكة وإمارة منفصلة تتحدث بأكثر من 200 لغة، وهو أمر يختلف تماما عن بلداننا العربية (أكثر من عشرين بلدا يتحدثون اللغة ذاتها والفروقات الدينية بينها قليلة جدا مقارنة بالهند)، ومع ذلك استطاعت الممالك والإمارات الهندية أن تتوحد تحت حكومة فيدرالية بعد التخلص من المستعمر البريطاني في العام 1947.
الهنود ركزوا كثيرا على التعليم، وتعتبر المدارس والمعاهد والجامعات الهندية من أفضل وأقوى المناهج، كما تتميز بقوة مادة الرياضيات واللغة الإنجليزية، وهو ما سهل للهنود الاندماج في الاقتصاد العالمي والاستفادة من التمدد العولمي بما يخدم الهنود أساسا. الهند مازالت مجتمع طبقات ؛لأنها ورثت الطبقية منذ مئات وآلاف السنين، ولكن الحكومة الديمقراطية أصلحت الوضع في جوانبه المفصلية... ففي تقرير أميركي صدر قبل خمسة عقود توقع بأن يموت الملايين من الجوع بالهند في العام 2000، ونحن نعرف الآن (العام 2007) بان الهند ليس فيها مجاعة، بل إنها عملاق ينمو يوما بعد يوم ومن دون توقف.
بين البحرين والهند علاقات تمتد منذ حضارة دلمون قبل الميلاد، وإستمرت طوال السنين، ولكن في السبعينات احتجنا إلى العمالة الرخيصة، وهذه العمالة أصبحت مرضا مزمنا في الاقتصاد الوطني، وما نحن بحاجة إليه هو فهم الهند ومصادر قوتها، والتواصل مع مصادر القوة تلك.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1653 - الجمعة 16 مارس 2007م الموافق 26 صفر 1428هـ